هو الضّرر الاخرويّ ، يمنع الصّغرى في مورد قاعدة قبح العقاب بلا بيان وهو الشّبهة بعد الفحص واليأس عن الظّفر بالحجّة ؛ بداهة ، عدم احتمال الضّرر الاخرويّ حينئذ كي يحكم بوجوب دفعه عقلا ، وبناء على كون المراد منه هو الضّرر الدّنيويّ يمنع الصّغرى والكبرى معا ، فالتّنافي بين تلك القاعدتين مرفوع بحذافيره.
ثمّ إنّه ذهب الإمام الرّاحل قدسسره إلى أنّ النّزاع هنا ليس بين كبرى القاعدتين ، بل صحّتهما ممّا لا إشكال فيه ، ولا يتوقّف صدقهما على وجود مصداق لصغراه ، فالعقاب بلا بيان قبيح ، سواء كان في العالم بيان ، أو لا ، وكذا دفع الضّرر المحتمل واجب ، سواء كان هناك احتمال للضّرر ، أم لم يكن ، فلا تكون إحداهما حاكمة أو واردة على الاخرى قطّ ، وإنّما يكون أحد القياسين الموجودين هنا بعد تماميّة مقدّماته وجدانا أو برهانا دافعا لصغرى القياس الآخر.
توضيحه : أنّه يمكن تقرير قاعدة قبح العقاب بلا بيان بصورة القياس بهذا النّحو : «إنّ العقاب على محتمل التّكليف بعد الفحص التّامّ وعدم العثور عليه عقاب بلا بيان ، والعقاب بلا بيان قبيح ، بمعنى : يمتنع صدوره عن المولى الحكيم العادل ، والنّتيجة هو أنّ العقاب على محتمل التّكليف ممتنع» ؛ وهكذا يمكن تقرير قاعدة دفع الضّرر المحتمل بصورة القياس بهذا النّحو : «إنّ ارتكاب محتمل الحرمة أو ترك محتمل الوجوب ممّا فيه الضّرر المحتمل (العقاب) ، والضّرر المحتمل يجب دفعه والتّحرّز عنه ، والنّتيجة أنّ ارتكاب محتمل التّكليف يجب دفعه والتّحرز عنه».
ومن الواضح : أنّ صغرى القياس الأوّل وجدانيّة ، وكبراه برهانيّة ، والنّتيجة المتحصّلة منهما قطعيّة ، وهذا بخلاف القياس الثّاني ؛ إذ صغراه ليست فعليّة