وجدانيّة ، لتوقّف صحّتها على أحد امور غير صحيحة ، من تقصير العبد في الفحص عن تكاليف المولى أو كون المولى بلا عدل وبلا حكمة أو كون العقاب بلا بيان غير قبيح ، والكلّ ، كما ترى.
وعليه : فالقياس الأوّل لكون صغراه وجدانيّة ، وكبراه برهانيّة ، دافع لصغرى القياس الثّاني ، بمعنى : أنّه دافع لاحتمال الضّرر ، فليس مع وجود القياس الأوّل ، احتمال للضّرر في البين حتّى يصير دفعه واجبا عقلا بلا رين ، هذا ملخص ما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره من التّحقيق في المقام. (١)
ولكن أنت ترى ، أنّ هذا التّحقيق اللّطيف مرجعه ـ أيضا ـ إلى ورود قاعدة قبح العقاب بلا بيان على قاعدة دفع الضّرر ، فيرفع موضوع هذه القاعدة بتلك ، سواء عبّر عنه بدفع الصّغرى ، أم عبّر برفع موضوع الكبرى ؛ إذ الصّغرى في المقام تدفع بمحموله الحدّ الأوسط الّذي صار موضوعا في كبرى القياس حسب ما هو الميزان في الشّكل الأوّل ، كما هو المقرّر في علم المنطق ، ولاجل ذلك يصالح بين الإمام الرّاحل قدسسره وبين جمع من الأكابر القائلين بورود قاعدة قبح العقاب بلا بيان على قاعدة دفع الضّرر المحتمل ؛ وكيف كان ، الحقّ ما حقّق آنفا من استقلال كلّ واحدة من القاعدتين وانفكاك مصبّ كلّ من الاخرى ، فلا حكومة ولا ورود في البين.
ثمّ إنّه قد يقال : بأنّ مقتضى حكم العقل عند الشّكّ في التّكليف هو وجوب الاحتياط وحسن العقاب على تقدير المخالفة ، على عكس ما قالوا : من أنّ مقتضى حكمه هو قبح العقاب بلا بيان. بتقريب : أنّ ملاك وجوب طاعة الله ـ جلّ جلاله ـ
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٢٥٢ إلى ٢٥٤.