الاطمئنان ، لكونه حجّة كالعلم ، بل هو نفس العلم عرفا وعادة.
وإن شئت ، فقل : إنّ الاطمئنان حجّة ببناء العقلاء ، ولم يرد الرّدع عنه من الشّارع ، كما هو واضح.
ولا يخفى : أنّه لا صعوبة في تحصيل الاطمئنان بمعونة الفحص بعد ضبط الأحاديث وترتيبها وتبويبها وتمييز صحاحها ومعتبراتها من ضعافها ، من جانب أصحابنا الأقدمين ، وكذا بعد الفحص والبحث عن الأحاديث الفقهيّة والتّحقيق الجامع فيها من نواح شتّى في الكتب الاستدلاليّة من جانب فقهائنا الأساطين.
المورد الثّاني : هل وجوب الفحص وتعلّم الأحكام نفسيّ ، نظير وجوب الصّوم والصّلاة ونحوهما حتّى يعاقب تاركه وإن لم يخالف الواقع ، أو طريقيّ ، نظير وجوب العمل بالطّرق والأمارات المعتبرة؟ وجهان ، بل قولان :
ذهب المحقّق الخراساني قدسسره إلى الأوّل ، حيث قال : «فلا محيص عن الالتزام بكون وجوب التّعلم نفسيّا ، لتكون العقوبة ـ لو قيل بها ـ على تركه ، لا على ما أدّى إليه من المخالفة ، ولا بأس به ، كما لا يخفى ...» (١).
والصّواب هو القول الثّاني ، وقبل الورود في بيان وجه ذلك ، لا بدّ من تحرير محلّ النّزاع ، فنقول : إنّ النّزاع في المقام ليس إلّا في مواطن ثلاثة :
أحدها : وجوب تعلّم الفروع ، لا الاصول الاعتقاديّة ؛ إذ تعلّمها واجب ، عقليّ ، نفسيّ ، عينيّ قطعا ، بلا كلام فيه.
ثانيها : وجوب تعلّم الأحكام التّكليفيّة الإلزاميّة ، كالوجوب والحرمة أو
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٥٩.