تعلّم ما يؤول إليها من الأحكام الوضعيّة ، كالنّجاسة والطّهارة والزّوجيّة والملكيّة ونحوها ؛ وذلك ، لعدم وجوب تعلّم الاستحباب والكراهة أصلا ولو كان طريقيا.
ثالثها : وجوب التّعلم على كلّ مكلّف بالنّسبة إلى تكاليفه المختصّة به الّتي يبتلي هو نفسه بها ؛ وأمّا بالنّسبة إلى تعلّم جميع الأحكام من الحلال والحرام ، فهو خارج عن محلّ الكلام ؛ إذ هو واجب على طائفة من الأنام بنحو الوجوب الكفائيّ ، كما اشير إليه في قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)(١).
إذا عرفت محل النّزاع ، فاعلم ، أنّ الصّواب ـ كما أشرنا ـ هو أنّ وجوب التّعلم طريقيّ ، وإثبات وجوبه النّفسيّ ، دونه خرط القتاد ؛ إذ ليس نفس الفحص عن شيء والسّؤال عنه ، إلّا طريقا ، للاعتقاد به وعقد القلب عليه ، أو طريقا لأجل العمل والإتيان به ، فقوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) ظاهر في وجوب السّؤال طريقيّا وأنّه لأجل العمل القلبيّ والجانحيّ ، أو الخارجيّ الجارحيّ ، وكذا وجوب التّفقّه في آية النّفر.
والشّاهد عليه ، أنّه قد وردت الرّوايتان في المقام وهما صريحتان في كون وجوب التّعلم للعمل ، فيكون طريقا بلا ريب :
إحداهما : رواية مسعدة بن زياد الرّبعي ، قال : «سمعت جعفر بن محمّد عليهماالسلام وقد سئل عن قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) فقال : إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم
__________________
(١) سورة التّوبة (٩) ، الآية ١٢٢.
(٢) سورة الأنبياء (٢١) ، الآية ٧.