إنّ في دلالتها احتمالات أربعة : أحدها : أنّها تدلّ على استحباب العمل الّذي بلغ عليه الثّواب بخبر ضعيف بعنوانه الأوّلي ، فتكون من أدلّة «قاعدة التّسامح في أدلّة السّنن والمستحبّات».
ثانيها : أنّها تدلّ على استحباب ذلك العمل بعنوانه الثّانوي وهو عنوان بلوغ الثّواب عليه ، بحيث كان وزان عنوان «البلوغ» وزان عنوان «الضّرر والعسر» ونحوهما من سائر العناوين الثّانويّة الموجبة لحسن الفعل ، أو قبحه تكوينا وتغيّر حكمه ، تشريعا.
ثالثها : أنّها تدلّ على الإرشاد إلى حسن الانقياد الّذي يحكم به العقل ، كما يحكم بقبح التّجري ، فيترتّب الثّواب على العمل الّذي بلغ عليه الثّواب لأجل هذا العنوان وإن لم يكن الأمر كما بلغه.
رابعها : أنّها تدلّ على حجّيّة الخبر الضّعيف في باب المستحبّات بإسقاط شرائط حجّيّة الخبر في هذا الباب.
ولا يخفى : أنّ الاحتمال الأخير وإن كان هو المناسب لما اشتهر بين الأصحاب من «قاعده التّسامح في أدلّة السّنن» إلّا أنّه لا تساعده الأخبار المتقدّمة ؛ بداهة ، أنّه ليس لسان الأخبار ، لسان إسقاط شرائط الحجّيّة في باب المندوبات ، وجعل الحجّيّة للخبر الضّعيف في هذا الباب ؛ ولذا لا أساس لما اشتهر بينهم من «قاعدة التّسامح في أدلّة السّنن» كيف ، وأنّه ورد في بعض الكلمات : «وما يقال : من أنّ أدلّة السّنن يتسامح فيها بما لا يتسامح في غيرها فمنظور فيه ؛ لأنّ الاستحباب حكم شرعيّ يتوقّف على دليل شرعي» (١).
__________________
(١) نهاية الدّراية : ص ٢٨٥ ، للسّيّد حسن الصّدر.