وكذا لا تساعد تلك الأخبار ، الاحتمال الأوّل والثّاني ـ أيضا ـ لعدم كونها ظاهرة في استحباب العمل وصيرورته مندوبا شرعيّا ، لا بنفسه وبعنوانه الأوّليّ ، ولا بغيره وبعنوانه الثّانويّ وهو عنوان «البلوغ».
وأمّا الاحتمال الثّالث ، فهو ممّا تساعده تلك الأخبار ، حيث إنّ لسانها لسان الإخبار عن فضل الله الّذي يؤتيه من يشاء ، فتدلّ على أنّه سبحانه يعطي العامل ، الثّواب الّذي بلغه وإن لم يكن الأمر كما بلغه.
ألا ترى ما في رواية محمّد بن مروان ، المتقدّمة ، من قول أبي جعفر عليهالسلام «فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثّواب» ، فالمتعيّن عندئذ هو الاحتمال الثّالث.
ثمّ إنّه ظهر ممّا ذكرناه ، من عدم ظهور أخبار من بلغ في الاستحباب الشّرعيّ ، أنّه لا مجال لما عن المحقّق الخراساني قدسسره من قوله : «لا يبعد دلالة بعض تلك الأخبار على استحباب ما بلغ عليه الثّواب ، فإنّ صحيحة هشام بن سالم ... ظاهرة في أنّ الأجر كان مترتّبا على نفس العمل الّذي بلغه عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه ذو ثواب ... إلّا أنّ الثّواب في الصّحيحة إنّما رتّب على نفس العمل» (١).
كما ظهر ـ أيضا ـ أنّه لا مجال لجملة من المباحث المطروحة في المقام ، منها : البحث في أنّ المستفاد من تلك الأخبار ، هل هو استحباب نفس العمل بما هو هو ، أو استحباب العمل إذا أتى به بعنوان الرّجاء والاحتياط؟
وجه عدم المجال لهذا البحث هو ما عرفت آنفا من عدم دلالة الأخبار على الاستحباب رأسا. غاية الأمر ، أنّها دالّة على ترتّب الثّواب إذا أتى بالعمل بعنوان الرّجاء واحتمال المطلوبيّة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ١٩٧.