وبعبارة اخرى : أنّ التّجرّي كاشف عن القبح الفاعليّ فيوجب القبح الفعليّ ، بمعنى : أنّه يوجب قبح فعل المتجرى به عقلا ، وبمعونة قاعدة الملازمة يحكم بحرمته شرعا ، فيكون الفعل المتجرّى به حراما بالعرض والعنوان الثّانويّ.
وفيه : أنّ خبث الفاعل غير خبث الفعل ، فربّ فاعل يكون خبيثا ولكن يفعل عملا حسنا ؛ ولذا يمكن أن يكون لخبث الفاعل وسوء سريرته ، حرمة غير حرمة الفعل وعقوبة مسانخة لتلك الحرمة ، غير عقوبة الفعل الحرام.
وإن شئت ، فقل : إنّ القبح الفاعلي غير القبح الفعلي ، كما أنّ الحسن الفاعل غير الحسن الفعلي ، فربّ فاعل قبيح يفعل فعلا حسنا ، وكذا ربّ فاعل حسن يفعل فعلا قبيحا.
ونتيجة ذلك : أنّ قبح الفاعل لا يسري إلى الفعل ، ولا يوجب صيرورته قبيحا عقلا كي يحرم شرعا بمعونة الملازمة ، فلا يثبت بهذا الوجه الثّاني ـ أيضا ـ حرمة الفعل المتجرّى به ، مضافا إلى أنّه قد عرفت : عدم جريان قاعدة الملازمة في محور المعاليل ومسبّبات الأحكام ، فلو تمّت لكانت جارية في محور العلل وأسباب الأحكام.
الوجه الثّالث : أنّ القطع بحسن الفعل أو بقبحه ممّا يحسّنه ويقبّحه ، بحيث يصير ذلك الفعل حسنا أو قبيحا عقلا ، فبمعونة قاعدة الملازمة يصير واجبا أو حراما شرعا ، فيقال : إنّ القطع بقبح الفعل المتجرّى به يوجب قبحه عقلا ، فيحكم بحرمته شرعا لقاعدة الملازمة.
وفيه : أنّ حقيقة هذا الوجه راجع إلى الوجه الأوّل ، حيث إنّ القطع بقبح