الفعل لا يجعله قبيحا ، إلّا إذا أوجب حدوث مفسدة فيه ، وكذا القطع بحسنه لا يجعله حسنا ، إلّا إذا أوجب حدوث مصلحة فيه.
وقد عرفت : أنّ القطع الطّريقيّ ليس في وسعه إلّا المنجّزيّة أو المعذّريّة وأنّه ليس دخيلا في الملاكات مطلقا ، بل هي تدور مدار نفس العمل وجودا وعدما ، حدوثا وبقاء.
هذا ، ولكن أجاب المحقّق الخراساني قدسسره عن هذا الوجه الثّالث بطريق آخر فقال ، ما حاصله (١) : أنّ العنوان المقبّح أو المحسّن ، لا بدّ وأن يكون ذاتيّا استقلاليّا ، متعلّقا لإرادة المكلّف ، والقطع ليس كذلك ، إذ هو ـ لاجل طريقيّته ـ يكون عنوانا طارئاً آليّا ؛ وعليه ، فلا يكون من العناوين المقبّحة أو المحسّنة.
وبعبارة اخرى : الفعل المتجرّى به في مثل مقطوع الخمريّة أو الحرمة له عنوانان : أحدهما : ذاتيّ استقلاليّ ـ ولو كان زعميّا غير واقعيّ ـ كعنوان الخمريّة أو الحرمة ، وبهذا العنوان يكون اختياريّا ملتفتا إليه ؛ ثانيهما : عرضيّ آليّ كعنوان القطع في مقطوع الخمريّة أو الحرمة ، فلا يكون بهذا العنوان اختياريّا ، ملتفتا إليه غالبا ، ومثل هذا العنوان ، لا يمكن أن يكون من العناوين المحسّنة الموجبة لحدوث الحسن ، أو المقبّحة الموجبة لحدوث القبح.
هذا ، ولكن لا حاجة إلى هذا الطّريق لإثبات عدم كون القطع من العناوين المحسّنة والمقبّحة ؛ وذلك لجواز الاكتفاء في إثبات ذلك بطرق آخر.
الأوّل : أنّه لا يمكن اجتماع كون القطع ، طريقيّا آليّا مع كونه دخيلا في الحسن أو
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ١٣.