ذهب المحقّق الخراساني قدسسره (١) إلى جواز ذلك وهو الصّحيح ؛ إذ لا يلزم منه محذور الدّور ولا غيره ؛ وذلك ، مثل أن يقال : إذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة وجوبا إنشائيّا ، تجب عليك صلاة الجمعة وجوبا فعليّا ؛ أو يقال : إذا قطعت بوجوبها الاقتضائيّ ، تجب عليك وجوبا إنشائيّا ؛ أو إذا قطعت بوجوبها الفعليّ ، تجب عليك وجوبا تنجيزيّا وكذلك المماثل أو المضادّ.
والوجه في عدم لزوم الدّور وغيره في المقام واضح ، حيث إنّ ما يتوقّف عليه القطع هو الوجوب الإنشائيّ في المثال الأوّل ، فلا بدّ أن يكون في مرتبة سابقة على القطع ، وما يتوقّف على القطع هو الوجوب الفعلي.
وهذا ، كما ترى ، ممّا لا يلزم منه محذور الدّور.
وما عن بعض الأعاظم قدسسره من أنّ القطع بالجعل ملازم للفعليّة ، فلا محالة يتعلّق القطع بالحكم الفعليّ ، وحيث إنّ المفروض دخل القطع في فعليّة الحكم لزم الدّور (٢) ؛ غير سديد ، ضرورة ، أنّه ربما يكون المصلحة في مجرّد إنشاء الحكم وإخفاءه وعدم إبلاغه إلى حين ، فلا يصير فعليّا حتّى يحين حينه ـ ولو قطع به أحيانا ـ فلا ملازمة بين القطع بالجعل والفعليّة ، وقد عرفت بما لا مزيد عليه ، معيار فعليّة الأحكام في المباحث الماضيّة ، على ما قرّره الإمام الرّاحل قدسسره.
وممّا ذكرناه ، ينقدح ضعف ما أورده بعض الأعاظم قدسسره على المحقّق الخراساني قدسسره فقال ـ بعد الإشارة إلى الملازمة بين القطع بالجعل والفعليّة ولزوم
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٥.
(٢) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٤٧.