الاختلاف في وجه منجّزيّة الأمارات ، فالأقوال فيه أربعة :
منها : ما ذهب إليه الشّيخ الأنصاري قدسسره من : تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ، بمعنى :
يستفاد من أدلّة اعتبار الأمارات ، أنّ مؤدّاها كالواقع وبمنزلته.
منها : ما ذهب إليه المحقّق الخراساني قدسسره من : أنّ مفاد دليل اعتبار الأمارات هو جعل الحجّيّة أو الحجّة.
منها : ما اختاره المحقّق النّائيني قدسسره من : أنّ المجعول في باب الطّرق والأمارات هو نفس الوسطيّة والكاشفيّة ، وأنّه بتتميم الكشف يتحقّق فرد من العلم بالواقع ، ومصداق من القطع به ، كالقطع الوجداني ، فيتّبع بحكم العقل ، كوجوب الاتّباع الوجداني بحكمه من دون احتياج إلى حكم تكليفيّ من قبل الشّارع ، وهذا هو المستفاد من دليل اعتبار الأمارات.
منها : ما هو المختار ، من : أنّ مفاد دليل الاعتبار هو تنزيل الظّنّ منزلة العلم في الأثر المتمشّي جعله من الشّرع وهو وجوب الاتّباع والجري العمليّ على وفقه ، كما هو الأثر المرتّب على القطع» (١).
هذه هي الأقوال في المسأله ، ولكن التّحقيق فيها يقتضي قولا آخر وهو ما اختاره الإمام الرّاحل قدسسره (٢) من أنّ الطّرق العرفيّة والأمارات العقلائيّة ، كالظّواهر وخبر الثّقة واليد ونحوها ، ممّا هو الدّائر في ألسنة المحقّقين والعلماء ، إنّما تكون حججا معتبرة عند العقلاء كافّة ، ومعتمدة لدى أبناء البشر قاطبة وفي جميع الامور من
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.
(٢) أنوار الهداية : ج ١ ، ص ١٠٥ إلى ١٠٨.