وكان أبو سماك جاهليا فأجابه :
ما شهر رمضان وشوال إلاّ سواء ..
وما زال يرغّبه في اقتراف المعصية حتى استجاب له ، وقال النجاشي :
فما تسقيني عليه؟
شراب كأنّه الورس (١) يطيّب النفس ، ويجري في العظام ، ويسهّل الكلام.
وعمد النجاشي إلى تناول الباجة مع الخمر ، وفقد الصواب ، وعلت أصواتهما وبادر جار لهما فأخبر الإمام بشأنهما ، فأرسل في طلبهما ، فأمّا أبو سماك فهرب ، وأمّا النجاشي فألقت الشرطة القبض عليه وجاءت به إلى الإمام عليهالسلام فصاح به :
« ويحك! إنّنا صيام وأنت مفطر؟ ».
ثمّ ضربه ثمانين سوطا وزاده عشرين سوطا ، وغضب النجاشي وقال للإمام :
ما هذه العلاوة يا أبا الحسن ...؟
فأجابه الإمام :
« هذه لجرأتك على الله في شهر رمضان ».
ثمّ رفعه للناس في تبّان (٢) لتحقيره وإهانته (٣) لانتهاكه حرمة شهر رمضان ، وهرب النجاشي إلى معاوية فارّا من العدالة الإسلامية ، فلما دخل على معاوية كان بلاطه مكتظّا بعيون أهل الشام فرحّب به معاوية ، وقال أمام الشاميّين :
مرحبا بمن عرف الحقّ فاتّبعه ، ورأى الباطل فنفر منه.
فاستيقظ ضمير النجاشي واستجاب للحقّ فردّ على معاوية قائلا :
__________________
(١) الورس : نبت أصفر يكون باليمن ، لسان العرب ٦ : ٢٥٤.
(٢) التبّان : سراويل صغيرة تستر العورة ، مقدارها شبر يلبسها الملاّحون.
(٣) خزانة الأدب ١٠ : ٤٢٠ ـ ٤٢١. قضاء أمير المؤمنين عليهالسلام : ٤٦.