خير محض في ذاته ، ونفع عظيم ، لكل من يقصد بعمله وجه الله تعالى ، و (وَجْهَ اللهِ) هنا : جهة عبادته ورضاه.
وأولئك المعطون شيئا من أموالهم على سبيل البر وصلة الرحم ، وإنقاذ النفس الإنسانية من الضرر أو الهلاك : هم لا غيرهم الفائزون ببغيتهم ، البالغون لآمالهم ، المحققون الخير لأنفسهم في الدنيا والآخرة. أخرج الترمذي والدارمي في الزكاة عن فاطمة بنت قيس قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن في أموالكم حقا سوى الزكاة».
وأما من أعطى عطية ، يود الحصول على أكثر منها ، من طريق الهدية أو الربا (الفائدة) في التجارات ، فلا ثواب له عند الله تعالى ، كما جاء في آية أخرى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦)) [المدثر : ٧٤ / ٦]. أي لا تعط عطاء تريد أكثر منه ، وهذا لا خير فيه ولا ثواب. قال ابن عباس : نزلت في قوم يعطون قراباتهم وإخوانهم على معنى تمويلهم ونفعهم والتفضل عليهم ، وليزيدوا في أموالهم على جهة النفع لهم.
وأما العطاء الحسن الذي يحقق الثواب لصاحبه ، فهو الزكاة ، أي من أعطى صدقة ، يقصد بها وجه الله تعالى وحده ، بقصد عبادته وإرضائه ، أو من أعطى زكاة ، تنمية لماله وتطهيرا ، يريد بذلك وجه الله تعالى ، فذلك هو المحقق للثواب الجزيل ، وهو الذي يجازى به صاحبه أضعافا مضاعفة على ما شاء الله تعالى له (١). وذلك كما جاء في آية أخرى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) [البقرة : ٢ / ٢٤٥] وقال الله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)) [الحديد : ٥٧ / ١١].
__________________
(١) ينبغي أن تظل هذه العقيدة معه وقت العبادة وفي كل الأحوال إن كان يعتقد أن الله هو رازقه.