كالسماوات ، أو في أسفل موضع كباطن الأرض ، أحضرها الله في يوم الحساب ، إن الله لطيف العلم ، يصل علمه إلى كل شيء خفي ، خبير ببواطن الأمور. واللطف والعلم : صفتان لائقتان بإظهار غرائب القدرة الإلهية.
ويا بني ، الزم إقامة الصلاة : وهي العبادة المخلصة لوجه الله ، وأدّها كاملة الأركان والشروط ، وأمر بالمعروف : وهو الذي يقره الشرع الإلهي ، وانه عن المنكر : وهو الذي يمنعه الشرع الإلهي ، واصبر على المصيبة والشدائد والأذى ، إن ذلك المذكور : من عزائم الأمور ، أي مما عزمه الله وأمر به. والصبر هنا للحض على تغيير المنكر وإن نالك ضرر. وهذا إشعار بأن مغيّر المنكر يؤذى أحيانا ، وهذا على جهة الندب ، لا على سبيل الإلزام ، وهذه الأوامر تشمل عظائم الطاعات والفضائل أجمع. ويا بني لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلموك تكبرا واحتقارا ، أي بل كن متواضعا سهلا هينا لينا ، منبسط الوجه ، مستهل البشر. ولا تسر في الأرض مختالا متبخترا ، جبارا عنيدا ، فإن تلك المشية يبغضها الله تعالى ، والله يعاقب كل مختال في مشيه ، معجب في نفسه ، فخور على غيره.
وامش مشيا متوسطا معتدلا ، ليس بالبطيء المستضعف تزهدا ، ولا بالسريع المفرط الذي يثب وثب الشيطان. والمشي مرحا : هو في غير شغل ولغير حاجة. ومشاة المرح : هم الملازمون للفخر والخيلاء ، فالمرح : مختال في مشيته.
ولا ترفع صوتك رفعا شديدا لا فائدة منه ، وأخفضه ، فإن شدة الصوت تؤذي آلة السمع ، وتدل على الغرور ، والاعتزاز المفرط بالنفس ، وعدم الاكتراث بالغير. وإن اعتدال الصوت أوقر للمتكلم ، وأقرب لاستيعاب الكلام ووعيه وفهمه. وإن رفع الصوت أكثر من اللازم يشبه صوت الحمير ، وإن أقبح الأصوات لصوت الحمير ، وذلك مما يبغضه الله تعالى ، لأن أوله زفير وآخره شهيق. وأنكر الأصوات ، أي