وإذا قيل لهؤلاء المجادلين بالباطل في توحيد الله : اتبعوا ما أنزل الله على رسوله ، من الشرائع والأحكام الصائبة ، لم يجدوا حجة لتركها إلا اتباع الآباء الأقدمين ، فيما اعتقدوه من دين ، وإلا التقليد المحض بغير حجة ، وهذا عجيب ، أيتبعونهم بلا دليل؟ ولو كان اعتقادهم قائما على الهوى وتزيين الشيطان الذي يدعوهم إلى عذاب جهنم ، أو عذاب النار المسعّرة ، أي فكأن القائل منهم يقول : هم يتبعون دين آبائهم ، ولو كان مصيرهم إلى السعير ، والله يدعوهم إلى النجاة والثواب الجزيل والسعادة. وهذا استفهام على سبيل التعجب والإنكار ، يتضمن التهكم عليهم ، وتسفيه عقولهم ، والسخرية من آرائهم وأفكارهم.
إن محبة الله لعباده تجعله ينبه على فساد حال الكفرة ، وسوء الاعتقاد ، وقبح الأفعال ، فهم يسيرون في حياتهم ويعبدون أصنامهم بلا هدى قلب ، ولا نور بصيرة يقيمون بها حجة ، ولا يتّبعون بذلك كتابا من الله يبشر بأنه وحي ، بل ذلك ادعاء منهم وتخرص ، وإذا دعوا إلى اتباع وحي الله تعالى ، رجعوا إلى التقليد المحض بغير حجة ، فسلكوا طريق الآباء والأجداد.
والعقل والمصلحة يقضيان بضرورة تصحيح الطريق ومنهج الاعتقاد المنحرف ، والعودة إلى جادة العقيدة الصحيحة ، وإلى العمل بكلام الله تعالى في القرآن المجيد ، حتى لا يفجأهم القدر والموت ، ويصادمهم يوم القيامة بأهواله ورهباته.
حال المؤمن والكافر
يتفاوت حال المؤمن والكافر تفاوتا كبيرا لا نظير له في الدنيا والآخرة. أما المؤمن في الدنيا : فهو ناعم البال ، هادئ الضمير ، مستقر النفس ، يسعى في الحياة ، ويفوض الأمر في النهاية إلى الله عزوجل ، ويستمسك بما يوصله إلى الله ، وأما في