ثم ذكر الله تعالى أمر الخلق والبعث : أنه في الجميع وفي شخص واحد بالسواء ، فليس خلق جميع الناس وبعثهم يوم القيامة ، بالنسبة لقدرة الله ، إلا مثل خلق نفس واحدة ، الكل هيّن عليه ، ولا يحتاج وجود الشيء وعدمه إلى تكرار الأمر وتوكيده ، إن الله سميع لأقوال عباده ، بصير بأفعالهم ، كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة ، كذلك قدرته عليهم كقدرته على إيجاد نفس واحدة.
هذه الآية : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ ..) نزلت في أبي بن خلف وأبي بن الأسدين ، ومنبّه ونبيه ابني الحجاج بن السبّاق ، قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : إن الله تعالى قد خلقنا أطوارا ، نطفة ثم علقة ثم مضغة ، ثم عظاما ، ثم تقول : إنا نبعث خلقا جديدا جميعا في ساعة واحدة!! فأنزل الله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ).
إن إبداع السماوات والأرض ، وإحاطة علم الله بجميع الموجودات ، والقدرة الشاملة التامة على بعث الناس من قبورهم : هي دلائل على وجود الله تعالى ووحدانيته وقدرته الكاملة ، ومن آمن بذلك وعرف صواب هذا الإيمان ، هنّأ نفسه ومجتمعة بسلامة الإيمان.
دلائل القدرة الإلهية
ـ ٢ ـ
تدرج الليل والنهار وتسخير الشمس والقمر وتسيير السفن
هذه أدلة أخرى على عظمة قدرة الله تعالى ، وتعدادها لسدّ كل المنافذ أمام الشرك والمشركين ، وهي تدرج الليل والنهار ، وتسخير الشمس والقمر ، وسائر الكواكب النيّرات ، والتمكين من تسيير السفن في البحار والمحيطات ، واللجوء إلى الله تعالى