فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥)) (١) [الأحزاب : ٣٣ / ١ ـ ٥].
ما أروع مطلع هذه الآية وتأثيرها العميق والبعيد في تربية القيادة الإسلامية والإصرار على المبدأ ، والثبات على العقيدة.
وسبب نزولها : ما أخرجه ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن أهل مكة ، ومنهم الوليد بن المغيرة ، وشيبة بن ربيعة دعوا النبي صلىاللهعليهوسلم أن يرجع عن قوله ، على أن يعطوه شطر أموالهم ، وخوّفه المنافقون واليهود في المدينة إن لم يرجع قتلوه ، فنزلت الآيات.
أمر الله النبي صلىاللهعليهوسلم بالتقوى : ومعناه المداومة على التقوى ، ومتى أمر أحد بشيء هو به قائم ، فمعناه المداومة ، وحذره تعالى من طاعة الكافرين ، والمنافقين وهم المظهرون للإيمان ، وهم لا يبطنونه. والمعنى : يا أيها النبي اتق الله ، أي دوام على التقوى بإطاعة أوامر الله ، واجتناب محارمه ، ولا تطع أهل الكفر والنفاق في شيء ، واحذرهم ، إن الله كان وما يزال تام العلم بعواقب الأمور ، حكيما في أقواله وأفعاله ، فهو أحق باتباع أوامره وطاعته.
واتبع الوحي المنزل إليك من ربك ، فإن الله لا تخفى عليه خافية ، يعلم السر وأخفى ، والظاهر والباطن ، ثم يجازيكم على أعمالكم. وفوض جميع أمورك وأحوالك إلى الله تعالى ، وكفى بالله وكيلا لمن توكل عليه وأناب إليه ، فذلك كاف مقنع ، والوكيل : القائم بالأمر ، المغني فيه عن كل شيء.
وللإنسان قلب واحد ، ولم يخلق الله فيه قلبين ، ولا يجتمع في القلب الواحد
__________________
(١) أي أنصاركم وبنو عمومتكم.