الأعداء وتكاثرهم لحربهم ، وصبرهم على البلاء ، إلا إيمانا بالله ورسوله ، واستسلاما لقضائه وقدره ، وانقيادا لأمره ونهيه. والتسليم : الانقياد لأمر الله تعالى كيف جاء.
ويختلف موقف المؤمنين أيضا عن المنافقين بالوفاء بالعهد ، فهم صدقوا العهد مع الله تعالى ، ووفوا بما عاهدوا الله عليه من الصبر في حال الشدة والبأس ، فمنهم من انتهى أجله واستشهد كيوم بدر وأحد ، ومنهم من ينتظر قضاء الله والشهادة وفاء بالعهد ، وما بدّلوا عهدهم وما غيروه ، بخلاف المنافقين الذين ولّوا الأدبار ، وبدّلوا الأقوال ونقضوا العهود. وهذا ثناء من الله على عباده المؤمنين الذين عاهدوا الله على الاستقامة التامة ، فوفوا نذورهم وعهودهم ، قال الحسن : قضى نحبه : مات على ما عهد.
إن تعرض المؤمنين للمحن والبلايا واختبارهم بالخوف وملاقاة الأعداء ، من أجل تمييز الخبيث من الطيب ، ومكافأة الصادقين في إيمانهم ، بصبرهم على ما عاهدوا الله عليه ، وقيامهم به ومحافظتهم عليه ، ولتعذيب المنافقين الذين كذبوا ، ونقضوا العهد ، وأخلفوا الأوامر واعتذروا بالأعذار الكاذبة ، فاستحقوا العذاب واللوم.
إن الله تعالى كان وما يزال كثير المغفرة حيث ستر ذنوب عباده ورحمهم ورزقهم الإيمان ، ووفقهم للتوبة ، ولم يعاقبهم على ما مضى بعد التوبة الخالصة. وهذا حث على التوبة والإيمان قبل فوات الأوان.
وكانت نهاية معركة الأحزاب أو الخندق تحقيق النصر للمؤمنين ، وهزيمة الكافرين ، وجلاءهم عن المدينة بعد الحصار الشديد ، فقد ردّهم الله تعالى عن المدينة خائبين خاسرين ، مع شدة غيظهم ، لعدم تحقيق مآربهم ، ولم يحققوا خيرا لأنفسهم ، لا في الدنيا من الظفر والمغنم ، ولا في الآخرة من الآثام والعذاب وإحباط