ونحو هذا مما يضعف نفوس المؤمنين) ثم لا يجاورونك أيها النبي إلا جوارا قليلا ووقتا قليلا.
وهم في حال إقامتهم في المدينة زمنا قليلا يكونون مطرودين من رحمة الله ، منبوذين ، أينما حوصروا وقدر عليهم ، أسروا وأخذوا أذلاء ، وقتلّوا شر تقتيل ، فلم يجدوا أحدا يؤويهم ، بل ينكل بهم ويؤسرون.
وهذا الحكم وهو لعن المنافقين وأسرهم وتقتيلهم وتسليط المؤمنين عليهم وقهرهم ، هو سنة الله وطريقته في المنافقين في كل زمن مضى ، وهم منافقو الأمم ، ولا تبديل ولا تغيير لسنة الله ونظامه ، لقيامها على الحكمة والمصلحة وصلاح الأمة ، بل هي سنة ثابتة دائمة في أمثال هؤلاء مدى الزمان. وقوله تعالى : (سُنَّةَ اللهِ) منصوب على المصدر ، أي استنوا بسنة الله تعالى.
يلاحظ من هاتين الآيتين أن الحجاب الشرعي ذا الحدود المعتدلة من غير إفراط ولا تفريط مظهر حضاري كريم ، لا يعوق نشاط المرأة ، وإسهامها في كل عمل حيوي يفيد المجتمع والأمة.
ويلاحظ أيضا أن الأوصاف الثلاثة : وهي النفاق ، ومرض القلب ، والإرجاف موجودة كلها في المنافقين. وهم خطر على الأمة في عقيدتها ، وفي سلمها وحربها ، فهم كالسوس ينخر في جسم الأمة ، وهم في السّلم جرثومة فتك وأداة تخريب وتفريق ، وفي الحرب أداة إضعاف وإشاعة السوء ، وزعزعة المقاتلين ، وهم في الواقع عون للأعداء على المسلمين ، مما يجب التخلص منهم ، وعقابهم أشد العقاب ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) [النساء ٤ / ١٤٥].