الشكر والحمد المطلق التام لله مالك السماوات والأرض وما فيهما ، والمتصرف بشؤونهما ، له الحمد في الآخرة كالدنيا ، لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة بنعمه الكثيرة ، وهو الحكيم في أقواله وأفعاله ، وشرعه وقدره ، يدبّر شؤون خلقه أحكم تدبير ، وهو خبير ببواطن الأمور وظواهرها.
والألف واللام في كلمة (الْحَمْدُ) لاستغراق الجنس ، أي الحمد بأنواعه المختلفة هو لله تعالى من جميع جهات الفكر.
والصفات التي تستوجب المحامد هي في الآية : ملكه جميع ما في السماوات وما في الأرض ، وعلمه المحيط بكل شيء ، وخبرته وحكمته بالأشياء ، لخلقه إياها ، ورحمته بأنواع خلقه ، وغفرانه لأهل الإيمان.
ولله أيضا كل الحمد في الآخرة ، فاللام والألف للجنس أيضا ، وهو خبر يفيد أن لله وحده الحمد في الآخرة ، لإنعامه وأفضاله ورحمته ، وظهور قدرته ، وغير ذلك من صفاته.
والله يعلم كل ما يدخل في الأرض ، كالغيث والكنوز والدفائن والأموات ، ويعلم ما يخرج من الأرض ، كالحيوان والنبات والماء والمعادن. ويعلم ما ينزل من السماء كالملائكة والكتب والأرزاق ، والأمطار ، والصواعق ، وما يعرج فيها كالملائكة أيضا ، وأعمال العباد والغازات والأدخنة ووسائل النقل الجوي ، والطيور ، والله هو الرحيم بعباده ، فلا يعاجل عصيانهم بالعقوبة ، الغفور لذنوب التائبين إليه ، المتوكلين عليه.
ولكن أنكر الكفار قيام القيامة ، فقالوا استعجالا منهم واستهزاء بالوعيد : لن تقوم الساعة ، ولا حساب ، ولا حشر ، ولا جنة ، ولا نار ، فرد الله : قل أيها النبي