أنزل الله على رسله وبخاصة القرآن الكريم الكتاب الخالد يجعلهم في عداد الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم ، ولن يضروا سوى أنفسهم. وعقابهم شديد وأليم في الدار الآخرة. ومما لا شك فيه أن القادة إلى الضلال أسوأ من الأتباع ، فهم الذين يستحقون مضاعفة العذاب وأليم العقاب ، ولكن يشاركهم الأتباع في هذا العذاب ، لأنهم عطلوا نعمة العقل والوعي ، وقلّدوا غيرهم تقليدا أعمى ، وكان جديرا بهم أن يتحرروا من ربقة التقليد ، فكانت عقائدهم فاسدة ، وأعمالهم سيئة كقادتهم ، فاستحقوا جميعا التخليد في عذاب جهنم ، وبئس المصير.
موقف المشركين المترفين
يصحب الترف والغنى عادة عند المترفين مظاهر التكبر والتفاخر بزينة الدنيا ومباهجها ، مغترين بالأموال والثروات والأولاد ، فيقعون في تصرفات شاذة ، وتكون لهم مواقف مستهجنة من الدين والعقيدة والأخلاق ، لانهماكهم في الشهوات والمعاصي ، وهذا كله يحتاج لحملة قوية ، لتصحيح أحوالهم ، وثنيهم عن استكبارهم ، وهو حال المشركين الوثنيين الذين جاءهم القرآن الكريم بآيات عديدة وأدلة دامغة ، ليعودوا إلى جادة الاستقامة ، ويرعووا عن غيهم وضلالهم ، من تلك الآيات الشريفة ما يأتي :
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ