جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦) قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠) وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (٥٤)) (١) (٢) (٣) [سبأ : ٣٤ / ٤٦ ـ ٥٤].
المعنى : قل أيها النبي للمشركين : أحذركم عاقبة السوء ، وآمركم بخصلة أو قضية واحدة : وهي التأمل والنظر في حقيقة النبوة ، وعبادة الله تعالى ، وفي طاعته ، إما مثنى (اثنين اثنين) وإما فرادى (واحد واحد) لأن الاجتماع الكثير يشوش الفكر ، وينشر الغوغائية ، وحينئذ تعلمون أن صاحبكم ليس بساحر ولا مجنون ، وإنما هو نبي مؤيد من عند الله بالمعجزات المصدقة له ، وأنه منذركم ومخوفكم ما ينتظركم من عذاب شديد على النفوس يوم القيامة.
وقل أيها النبي أيضا للمشركين : لم أطلب منكم أجرا ولا عطاء على أداء رسالة الله عزوجل إليكم ، فما ثوابي أو أجري إلا على الله تعالى ، والله مطلع على كل شيء ، وعالم به ، من صدقي بتبليغ الرسالة ، وإعلامكم بالنبوة. وهذا أمر من الله تعالى بالتبري من طلب الدنيا وطلب الأجر على الرسالة ، وتسليم كل دنيا إلى أهلها والتوكل على الله في الأجر ، والإقرار بأنه شاهد على كل شيء من أفعال البشر وأقوالهم وغير ذلك. إن ربي عالم الغيب والشهادة يصطفي للنبوة من يشاء ويرسل جبريل بالوحي إلى من يشاء من عباده.
__________________
(١) من جنون.
(٢) فلا هروب ولا نجاة.
(٣) التناول بسهولة ويسر.