المعنى : ألم تشاهد أيها الإنسان أن الله خلق الأشياء المتفاوتة من الشيء الواحد ، فإنه سبحانه أنزل الماء من السماء ، وأخرج به ثمارا مختلفة الألوان والطعوم والأنواع ، والرؤية في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ) رؤية القلب ، وهي المراد في آيات القرآن.
وموضوع هذه الآية مثل آية : (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)) [الرعد : ١٣ / ٤]. وجعل الله بين الجبال طرقا ذات ألوان مختلفة ، بيضاء وحمراء وسوداء شديدة السواد ، وخلق الله أيضا الناس والدوابّ والأنعام (وهي الإبل والبقر والغنم) مختلفة الألوان في الجنس الواحد ، والنوع الواحد ، والحيوان الواحد ، كاختلاف الثمار والجبال.
وإنما يخاف الله بالغيب أهل العلم ، فهم الذين يتأملون في هذا الاختلاف بين المخلوقات ، ويدركون عظمة الصانع ، وقدرته على صنع ما يشاء ، وفعل ما يريد ، فمن كان أعلم بالله ، كان أخشى له ، ومن لم يخش الله فليس بعالم ، فالعلم رأس الخشية وسببها ، أخرج القضاعي عن أنس : «خشية الله رأس كل حكمة ..». وأخرج الحكيم الترمذي وابن لال عن ابن مسعود : «رأس الحكمة مخافة الله». وقال الله تعالى : (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠)) [الأعلى : ٨٧ / ١٠]. وقال صلىاللهعليهوسلم فيما رواه عبد بن حميد وابن أبي ليلى : «أعلمهم بالله أشدهم له خشية». وقال مجاهد والشعبي : «إنما العالم من يخشى الله».
إن الله قوي قادر قاهر في كل شيء ، ومنها انتقامه من الكافرين ، وواسع المغفرة لذنوب عباده التائبين المؤمنين. والمراد بالعالم : هو عالم الطبيعة وطبقات الأرض ، والحياة ، والاجتماع ، والفلك ونحو ذلك. وأما العلماء بكتاب الله تعالى : فهم الذين