تعالى لهم في الآخرة ، بعد حظره على الرجال في الدنيا. ثبت في الصحيح : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من لبس الحرير في الدنيا ، لم يلبسه في الآخرة» وقال : «هي لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة».
وقال المؤمنون حين استقروا في جنات عدن : الحمد والشكر لله على ما أذهب عنا من الخوف من المخاطر والمحاذير ، وأراحنا من هموم الدنيا والآخرة ، إن ربنا صاحب الفضل والرحمة والسعة ، فهو غفور لذنوب عباده ، متجاوز عنها ، ساتر لها ، شكور لطاعتهم ، مجاز على اليسير من الطاعة ، مقرّب لعبده به ، قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره : غفر لهم الكثير من السيئات ، وشكر لهم اليسير من الحسنات.
وقالوا أيضا : الحمد لله الذي أعطانا هذه المنزلة ، ومتّعنا بهذه الإقامة ، وبدار المقامة : وهي الجنة ، بفضله وإحسانه ورحمته ، ولم تكن أعمالنا تساوي ذلك ، ولا نتعرض فيها لتعب ولا إعياء ، لا في الأبدان ولا في الأرواح ، لأنهم واظبوا على العبادة في الدنيا ، فصاروا في راحة دائمة في الآخرة ، كما قال الله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (٢٤)) [الحاقة : ٦٩ / ٢٤].
إن نعيم الجنة نعيم مادي حسي وروحاني معنوي ، وهو دائم خالد لا ينقطع ولا يزول ، وفيه يتمتع أهل الجنة بما لا يحلمون به ، وكل ذلك يستحق تمام الحمد والثناء على الله تعالى ، لإدراك هذه الحظوة التي لا مثيل لها ، ويغبطهم فيها كل بعيد عنها ، محروم منها.
جزاء الكافرين
بعد أن ذكر الله تعالى جزاء المؤمنين في الآخرة في جنان الخلد ، ذكر جزاء الكفار لعقد موازنة أو مقارنة بين الجزاءين ، فيقبل العاقل على ما يجعله من فريق المؤمنين