لأنها التي تشاهدها أبصارنا ، وأيضا فالحفظ من الشياطين إنما هو فيها وحدها. وحفظا : منصوب على المصدر.
إن الشياطين يرمون بالشهب من كل جانب أو جهة يتجهون إلى السماء منها ، إذا أرادوا الصعود لاستراق السمع. ويبعدون ويطردون طردا ويمنعون من الوصول إلى مقاصدهم ، ولهم في الآخرة عذاب دائم مستمر موجع. والدحور : الإصغار والإهانة حال الطرد ، لأن الزجر : الدفع بعنف.
وطرد الشياطين هي الحال الغالبة على جميع الشياطين إلا من شذ ، فخطف خبرا أو نبأ ، فأتبعه شهاب فأحرقه.
فاسأل أيها الرسول منكري البعث : أيهم أشد خلقا ، أي أصعب إيجادا ، هم أم السماوات والأرض وما بينهما من الأمم والملائكة والشياطين والمشارق والمخلوقات العظيمة؟
وقد نزلت الآية في الأشد بن كلدة وأمثاله ، سمي بالأشد لشدة بطشه وقوته. والسؤال بقصد التوبيخ والتقريع.
إنا خلقنا أصلهم : وهو آدم من طين لزج يلتصق باليد ، فإذا كانوا مخلوقين من هذا الشيء الضعيف ، فكيف يستبعدون المعاد؟ وهو إعادة الخلق من التراب أيضا. واللازب : اللازم ، أي يلازم ما جاوره ويلصق به ، وهو الصلصاص.
بل في الواقع لا حاجة لاستفتائهم ، فهم قوم أهل تكبر وعناد ، وأنت يا محمد تتعجب من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث ، لإيقانك بقدرة الله العظمى ، وهم إذا وعظوا لا يتعظون ولا ينتفعون بالموعظة. وإذا شاهدوا دليلا واضحا ، أو معجزة أو علامة ترشدهم إلى الإيمان يبالغون في السخرية والاستهزاء ، ويتنادون للتهكم والتضاحك.