قال الأتباع للقادة : إنكم تأتوننا من جهة القوة والشدة ، أي إنكم كنتم تغووننا بقوة منكم ، وتحملوننا على طريق الضلالة بمتابعة منكم في شدة ، أو كنتم تأتوننا من الجهة التي يحسّنها تمويهكم وإغواؤكم ، ويظهر فيها أنها جهة الرشد والصواب ، فأجاب الرؤساء بجوابين : الأول : بل إنكم أنتم أعرضتم عن الإيمان ، مع تمكنكم منه ، مختارين الكفر. والثاني : لم يكن لنا عليكم من حجة وتسليط نسلبكم به اختياركم وتمكنكم ، بل كان فيكم طغيان وتجاوز الحد في الكفر ، واختياركم طريق الضلال كان منكم.
فوجب علينا وعليكم حكم ربنا ، ولزمنا قول ربنا وتعيّن العذاب لنا ، وهو قوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (٨٥) [ص : ٣٨ / ٨٥]. فنحن جميعا ذائقو العذاب حتما في الآخرة. والذوق هنا : مستعار.
إننا أضللناكم ، ودعوناكم إلى ما نحن فيه من الضلالة ، فاستجبتم لنا.
ثم أخبر الله تعالى : أنهم ، أي التابعين والمتبوعين والقادة مشتركون جميعا في العذاب ، وحصلوا فيه ، كما اشتركوا في الضلال والكفر ، والجميع في نار جهنم ، كل بحسبه ، وبمثل ذلك الجزاء نفعل بالمشركين ، ويجازى كل عامل بما قدم.
هؤلاء الذين أجرموا ، وجهلوا الله سبحانه ، وعظّموا أصناما وأوثانا ، إذا دعوا إلى كلمة التوحيد : وهي لا إله إلا الله ، استكبروا عن القبول ، وأعرضوا عن قولها ، كما يقولها المؤمنون.
ويقولون : أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا لقول شاعر مجنون ، قاصدين بذلك النبي صلىاللهعليهوسلم ، فهم بهذا أنكروا أولا وحدانية الله ، ثم أنكروا الرسالة النبوية ، وهؤلاء هم جماعة من قريش.
فرد الله عليهم تكذيبا : بل إن النبي جاء بالحق في جميع ما شرعه الله له ، وأول