بقتله ، ولم يؤمن معه إلا قليل ، وذلك بعد ألف سنة إلا خمسين ، وتضمن نداء نوح أي استغاثته أشياء : منها الدعاء على قومه ، وسؤال النجاة ، وطلب النصرة ، وفي جميعها وقعت الإجابة ، فقد أجاب الله دعاءه ، وقوله تعالى : (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) يتضمن الإجابة على أكمل ما أراد نوح عليهالسلام. وهذه أوجه الإجابة :
١ ـ نجينا نوحا ومن آمن معه وهم ثمانون من الغم الشديد : وهو الغرق وتكذيب الكفرة.
٢ ـ وجعلنا ذريته وحدهم دون غيرهم هم الباقين على قيد الحياة ، وأهلكنا من كفر بدعائه. قال ابن عباس رضي الله عنهما ، وقتادة : أهل الأرض كلهم من ذرية نوح ، وقال الطبري : العرب : من أولاد سام ، والسودان : من أولاد حام ، والترك والصّقلب : من آل يافث.
٣ ـ وأبقينا عليه ثناء حسنا فيمن يأتي بعده إلى آخر الدهر.
وقلنا : عليك يا نوح سلام منا في أوساط العالمين من الملائكة وعالمي الإنس والجن ، وفي الباقين غابر الدهر ، قال الطبري عن هذا السّلام : هذه أمنة لنوح في العالمين : أن يذكره أحد بسوء. وقال ابن عطية : هذا جزاء ما صبر طويلا على أقوال الكفرة الفجرة.
وأسباب هذه النعم التي أسبغها الله تعالى على نوح عليهالسلام ثلاثة أشياء :
١ ـ مجازاته على إحسانه ، وهكذا نجزي من أحسن من العباد في طاعة الله عزوجل. وهذا ثناء من الله تعالى على نوح بالإحسان ، لصبره على أذى قومه ، ومطاولته لهم ، وغير ذلك من عبادته وأفعاله الطيبة.
٢ ـ وسبب كون نوح محسنا : هو كونه من عباد الله المؤمنين ، وهذا دليل على أن الإيمان بالله تعالى وإطاعته أعظم الدرجات وأشرف المقامات.