وصرت صادقا مصدّقا بمجرد العزم ، وإن لم تذبح. ثم عدّد الله تعالى نعما خمسا على إبراهيم وهي :
١ ـ الإحسان إليه : والمعنى : مثلما جازينا إبراهيم بالعفو عن الذبح ، نجزي كل محسن على طاعته ، وتفريج كربته ومحنته ، وإن هذه المحنة أو الاختبار بالشدة لهو الاختبار الصعب الواضح الذي لا يوجد أصعب منه ، حيث اختبر الله إبراهيم في مدى طاعته بذبح ولده ، فصبر محتسبا الأجر عند ربه.
٢ ـ وافتداء الذبح ، فلقد جعلنا لإبراهيم فداء ولده بتقديم كبش عظيم الجثة سمين.
والذّبح : اسم لما يذبح ، وهو الكبش ، ووصفه بالعظم لأنه متقبّل يقينا. ويرى أهل السنة : أن هذه القصة نسخ فيها العزم على الفعل. والمعتزلة تقول : إنه لا يصح نسخ إلا بعد وقوع الفعل ، وهو مجرد إمرار الشفرة على العنق فقط ، وهو ما رآه إبراهيم في منامه ، فظن أنه ذبح مجهز ، منفّذ لذلك ، فلما وقع الذي رآه ، وقع النسخ.
٣ ـ الثناء الحسن عليه : وأبقينا لإبراهيم في الأمم المتلاحقة ثناء حسنا ، وذكرا جميلا ، فأحبه أتباع الملل كلها ، من اليهود والنصارى والمسلمين ، وأهل الشرك قاطبة ، كما جاء في آية أخرى : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ) (٨٥) [الشعراء : ٢٦ / ٨٤ ـ ٨٥]. ومثل هذا الجزاء نجزي جميع المحسنين بالفرج بعد الشدة.
٤ ـ البشارة بإسحاق : ووهبنا لإبراهيم ولدا آخر بعد إسماعيل هو إسحاق ، وجعلناه نبيا صالحا من زمرة الصالحين. والبشارة بولادة إسحاق بعد قصة الذّبح دليل على أن إسماعيل هو الذبيح. وكان الذّبح بمنى.
٥ ـ مباركة إبراهيم وإسحاق : وجعلنا البركة والنعمة الدنيوية والأخروية في إبراهيم وإسحاق ، ومنها كثرة الولد والذرية ، وجعل أكثر الأنبياء من نسلهما ونسل