أتعبدون صنما وهو (بعل) الذي صنعتموه بأيديكم ، وتتركون عبادة الإله الحق المستحق وحده للعبادة؟ فهو سبحانه أحسن الخالقين ، أي إنه هو الخالق المبدع ، ولا خالق سواه ، وهو الله الذي رباكم بنعمه ، بعد أن أوجدكم من العدم ، أنتم وآباؤكم وأجدادكم السابقون. وكان إلياس عليهالسلام في دعوته هذه حكيما ، فقد عاب قومه أولا على عبادة غير الله تعالى. ثم صرح بتوحيد الله ، ونفي جميع الشركاء عنه. فكذبوا دعوته ونبوته ، فصاروا بسبب تكذيبه لمحضرون ، أي لمجموعون للعذاب يوم القيامة ، ومجازون على ما قدموا من الأعمال المنكرة ، والأفعال والعقائد الفاسدة.
ثم استثنى الله تعالى من ذلك الجزاء : من كان مؤمنا فقال : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٢٨) أي إلا عباد الله الذين وحّدوه توحيدا خالصا من الشرك وشوائبه ، وعبدوه حق العبادة ، وأخلصوا العمل لله ، فهؤلاء في كل زمان ناجون من العذاب ، مثابون ثوابا حسنا على صالح أعمالهم ، لا يتعرضون لشيء من عقاب المشركين.
واستحق إلياس النبي عليهالسلام مثلما استحق موسى وهارون : أن يبقي الله عليه ثناء حسنا جميلا آخر الدهر وعلى ممر الزمان ، وهو السّلام عليه ، سلاما مباركا من الملائكة والإنس والجن ، لأنه سليم الإيمان بما أمره الله به ، وهو الذي قاوم الشرك والوثنية. وإل ياسين : اسم أيضا لإلياس ، فهو اسم واحد له ، وهذه لغة ، كما يقال : إبراهيم وإبراهام ، وإدريس وإدراسين.
ومثل ذلك الجزاء على الإخلاص والطاعة من إلياس ، يجازي الله جميع المحسنين أعمالهم لله تعالى ، وعلة الجزاء أنه ، أي إلياس مؤمن من جملة عباد الله المصدّقين بوجود الله وتوحيده واتصافه ، أي الله بصفات الكمال والجلال والجمال والإحسان.