ثم استنقذه الله تعالى من بطن الحوت بعد مدة إما سبع ساعات أو ثلاثة أيام أو سبعة أيام. وجعل الله تعالى استنقاذه بسبب تسبيحه ، بعد إنقاذ القدر السابق ، والمراد : لولا أنه كان في حياته من الذاكرين الله كثيرا ، المنزّهين إياه ، المصلين له ، لبقي ميتا في بطن الحوت إلى يوم القيامة ، والتسبيح : صلاة التطوع في وقت الرخاء ، نفعته في وقت الشدة ، وهذا رأي جماعة من العلماء. وقال ابن جبير. هو قوله في بطن الحوت : سبحان الله إني كنت من الظالمين. فجعل الله الحوت يلقيه ، في مكان خال من الناس والنبات ، على جانب نهر دجلة ، وهو عليل الجسد ، سقيم البدن ، كهيئة الصبي حين يولد.
وأنبت الله عليه شجرة فوقه ، تظلله وهي شجرة القرع ، وهي سريعة النمو ، وبعد استعادة عافيته ، أرسله الله عائدا إلى القوم الذين هرب منهم يائسا من إيمانهم إلى ركوب البحر ، وهم أهل نينوى من أرض الموصل ، وعددهم مائة ألف فأكثر ، حيث وجدهم قد آمنوا بالله ربهم ، بعد أن رأوا أمارات العذاب ، فمتّعهم الله في الدنيا إلى حين انقضاء آجالهم ومنتهى أعمارهم.
مناقشة عقائد المشركين
بعد أن أورد الله تعالى في سورة الصافات أخبار جماعة من أنبياء بني إسرائيل ، من قبيل إعداد المقدمات الموطّئة لمناقشة المشركين المكيين في عقائدهم ، وجه الله تعالى إنذارا يتضمن التوبيخ والتقريع للمشركين على فساد اعتقادهم وإنكارهم البعث ، ونسبتهم البهتان إلى الله تعالى ، وجعلهم البنات لله تعالى ، تنزه الحق عن ذلك ، وقالت فرقة منهم هم من بني مدلج قولا بلغ غاية الإفك والكذب : ولد الله الملائكة ، لأنه نكح في سراة الجن ، وهذه آيات مخبرة عن هذه الفصول الغريبة :