والبركة ، فيه الشفاء النافع لمن تمسّك به ، والنجاة لمن اتبعه ، وقد أنزله الله تعالى للناس للتدبر والتفكر في معانيه ، لا لمجرد التلاوة بدون تدبر وإمعان ، وليتعظ أهل العقول الراجحة به وببيانه. وقوله تعالى : (لِيَدَّبَّرُوا) أي لتتدبروا آياته.
قال الحسن البصري رحمهالله : والله ما تدبّره بحفظ حروفه ، وإضاعة حدوده ، حتى إن أحدهم ليقول : قرأت القرآن كله ، ما يرى للقرآن عليه أثر في خلق ولا عمل.
وفي هذه الآية اقتضاب وإيجاز بديع ، كإعجاز كل القرآن العزيز. ووصف القرآن بالبركة ، لأن أجمعها فيه ، فهو يورث الجنة ، وينقذ من النار ، ويحفظ المرء في حال الحياة الدنيا ، ويكون سبب رفعة شأنه في الحياة الآخرة.
وظاهر هذه الآية يقتضي أن التدبر من أسباب إنزال القرآن ، فالترتيل أفضل من أجل هذا ، إذ التدبر لا يكون إلا مع الترتيل ، والترتيل وسيلة لفهم المعاني ، والاتعاظ بالأحكام ، والاسترشاد بالهدي القرآني ، وحمل الإنسان على الاتباع والالتزام ، وترك هجر القرآن ، كما عليه حال بعض الناس اليوم.
والآية أيضا دليل على وجوب معرفة معاني القرآن ، والمعرفة تقود إلى الاتباع ، قال الحسن البصري : تدبر آيات الله : اتباعها.
إن من أجلّ مقاصد القرآن إصلاح الحياة الإنسانية ، بإصلاح الفرد والجماعة ، وإصلاح الروابط والعلاقات في جميع مجالاتها وأنواعها.
نعم الله تعالى على سليمان عليهالسلام
أفاض الله فيض نعمه السخية على سليمان ، كما أفاض على أبيه داود عليهماالسلام ، واستمرار هذا الفيض الإلهي يقتضي أن يشكر المحسن ، ويتعظ المسيء بما