بالكواكب ، مطرود من رحمة الله ومن إحسانه ، وتنصبّ عليك لعنتي الدائمة وسخطي إلى يوم القيامة. فأخرج من جنة الخلد : وهي الجنة الحقيقية المخلوقة من القديم جنة السماء ، كخلق النار ، وأهبط إلى الأرض ، بلا خلاف.
والرجيم : المرجوم بالقول السيئ ، واللعنة : الإبعاد ، ويوم الدين : يوم القيامة ، والدين : الجزاء. والمراد بأن اللعنة على إبليس مستمرة دائمة ، مخلّدة. وإنما قيدت بيوم الدين : ليبين له طريق التوبة قبل يوم القيامة ، وما بعد يوم القيامة واضح أنه لا تقبل التوبة ، إذ الآخرة ليست دار عمل.
فطلب إبليس قائلا : رب أمهلني في الحياة ، ولا تحكم علي بالموت إلى يوم البعث ، بعث الأجساد من القبور ، فأمهله الله وجعله باقيا إلى يوم الوقت المعلوم : وهو عند النفخة الأولى. وقد طلب إبليس الإمهال إلى يوم البعث ، ليتخلص من الموت ، وذلك إلى وقت الصعق لا إلى وقت البعث وهو الآن حي مغو مضل. فلما أمن من الموت تمرّد وطغى ، وتحدى قائلا : أقسم بعزتك ، أي سلطانك وقهرك : لأغوين وأضللنّ بني آدم بتزيين الأهواء والشهوات لهم ، إلا عبادك منهم الذين أخلصتهم لطاعتك ، وعصمتهم من الضلال.
فأجابه الله قائلا : فالحق الثابت أنا ، وأقول الحق ، لأملأن جهنم منك ومن أتباعك جميعا ، ممن أطاعك وتبع إغواءك. والإغواء : تزيين المعاصي.
وقل أيها الرسول للمشركين من قومك : لا أطلب منكم أجرا على تبليغي رسالة الله إليكم ، ولست من المتقولين على الله ، حتى أقول ما لا أعلم أو أدعو إلى غير ما أمر الله تعالى. والتكلف : التصنّع والاختلاق. وما هذا القرآن إلا تذكرة لجميع العوالم من الإنس والجن ، ولسوف تعرفنّ خبره وصدق نبأه بعد زمان قريب : إما بعد الموت وإما يوم القيامة.