هذا الكتاب العظيم وهو القرآن الكريم تنزيل من الله تعالى ، العزيز : في قدرته الذي لا يغلب ، الحكيم في إبداعه وصنعه ، فهو الكتاب الإلهي الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ، إنا أنزلنا أيها النبي الرسول القرآن مقترنا بالحق ، متضمنا إياه ، أي الحق فيه وفي أحكامه وفي أخباره ، فكل ما فيه حق ، من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع الأحكام والتكاليف الشرعية ، ولم ننزله مشوبا بالباطل الكاذب الذي لا قرار له.
فاعبد الله وحده لا شريك له ، وادع الخلق إلى ذلك ، وأخبرهم أنه لا تصلح العبادة إلا لله وحده ، وأنه ليس له شريك ولا نظير.
والإخلاص : أن يقصد العبد بعمله وجه الله تعالى ورضوانه ، ولا يقصد شيئا آخر. والدين : العبادة والطاعة ، وأساس توحيد الله ، وتنزيهه عن الشريك والنظير.
ألا لله العبادة والطاعة الخالصة من شوائب الشرك والرياء وغيره ، وأما ما سواه من الدين ، فليس بدين الله الخالص الذي أمر به.
ومعنى الآية : الأمر بتحقيق النية لله في كل عمل. والدين هنا : يعم المعتقدات وأعمال المكلفين العضوية التي يمارسونها. وقوله سبحانه : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) بمعنى : من حقه ومن واجباته ، لا يقبل غيره.
وأما المشركون الذين والوا غير الله تعالى ، وعبدوا سواه ، وهي الأصنام أو الكواكب أو الملائكة أو بعض البشر ، وقالوا : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله تقريبا ، ويشفعوا لنا عنده في حوائجنا ، فهم في أسوأ عاقبة ، وأقبح مصير ، لذا هددهم الله بقوله : إن الله يحكم بين أهل الأديان يوم القيامة ، ويفصل في خلافاتهم ، ويجزي كل عامل بعمله ، فيدخل الموحدين الجنة ، ويدخل المشركين النار.
قال ابن عباس : أنزلت هذه الآية : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) في