على مقدار واحد ، وهو دليل على كروية الأرض ، لأن التكوير : اللف على الجسم المستدير ، وعلى دوران الأرض حول نفسها مرة ثانية ، لأن تعاقب الليل والنهار لا يتم من غير دوران. ويجعل الله الشمس والقمر مذللين لأمره بالطلوع والغروب ، يسير كل منهما في فلكه إلى منتهى معيّن ، وإلى وقت محدد في علم الله تعالى وهو انتهاء الدنيا وقيام القيامة ، أو انتهاء دورة القمر كل شهر ، ودورة الشمس كل سنة. ألا إن هذا التدبير والخلق من إله غالب قادر ، ساتر لذنوب عباده بالمغفرة.
والدليل الثاني ـ من خلق الإنسان والأنعام ، فإنه سبحانه خلقكم أيها الناس على اختلاف أجناسكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة ، هي آدم عليهالسلام ، ثم جعل حواء من جنسه أو من طينته ، أو خلقها من ضلعه ـ ضلع آدم القصير ، ثم تكاثر الخلق منهما.
وأمر الله تعالى بخلق أو إيجاد ثمانية أصناف من الأنعام : وهي الإبل والبقر والغنم والمعز ، جاعلا من كل صنف ذكرا وأنثى ، ويبتدئ الله خلق الناس في بطون الأمهات في مراحل متدرجة من الخلق والإبداع ، حيث يكون بدء تكون الجنين من نطفة ثم من علقة ، ثم من مضغة ، ثم تتكون العظام ، ثم تكسى باللحم والعروق والأعصاب. ومراحل الخلق هذه في ظلمات ثلاث : هي ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة والأغشية. هذا الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما ، وخلق الإنسان : هو الرب المربي لكم ، الذي له الملك المطلق في الدنيا والآخرة ، وهو الإله الواحد الذي لا إله غيره ، فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره؟!
وثمرة هذه العبادة تعود للناس ، فإن تكفروا بالله أيها المشركون ، بعد توافر هذه الأدلة على وجود الله وتوحيده وقدرته ، فإن الله هو الغني عما سواه من المخلوقات ، ويغضب الله من كفر بعض عباده ، ويرضى ويحب شكرهم على نعمه وآلائه ، ويثيبهم