لله وتوحيده : أن أتعرض لعذاب شديد الأهوال في يوم القيامة. وأمرني ربي أن أعبده وحده لا شريك له ، وأن يكون تعبّدي خالصا لله غير مشوب بشرك ولا رياء ولا غيرهما.
ثم قال لهم على سبيل التهديد والوعيد : اعبدوا ما أردتم عبادته من غير الله ، من الأوثان والأصنام ، فسوف تجازون بعملكم.
ثم قل لهم أيها الرسول : إنما أهل الخسارة التامة : هم الذين خسروا أنفسهم بالضلالة والشرك والمعاصي ، وخسروا أتباعهم من الأهل حيث أوقعوهم في الضلال ، وعرّضوهم للعذاب الدائم يوم القيامة ، وذلك هو الخسران الواضح ، ولا خسران أعظم منه.
ونوع الخسران : أن لهم طبقات متراكمة من النار الملتهبة ، من فوقهم ومن تحتهم ، ومن كل جانب ، ذلك العذاب الشديد الذي يخبر به الله خبرا كائنا لا محالة ، ليرهب به عباده ، فيا عبادي خافوا بأسي وعذابي واتقوا غضبي. ووعد المؤمنين : هو أن الذين تجنبوا عبادة الأوثان والشيطان وكل ما عبد من دون ، ورجعوا إلى الله ، لهم البشارة بالثواب الجزيل : وهو الجنة ، فبشر أيها الرسول بالجنة عبادي المؤمنين الذين يستمعون القول الحق من كتاب الله ، وسنة رسوله ، فيفهمونه ، فيتبعون أحسن ما يؤمرون به ، ويعملون بما فيه. أولئك المتصفون بهذه الصفة هم الموفقون للصواب في الدنيا والآخرة ، وهم ذوو العقول الصحيحة والآراء السديدة.
وآية (فَبَشِّرْ عِبادِ) نزلت في رجل من الأنصار أعتق سبعة مماليك ، ليعتق نفسه من أبواب النار السبعة ، وآية : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ) نزلت في ثلاثة نفر موحدين الله في الجاهلية ، وهم زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي.
ثم واسى الله رسوله على إعراضهم عن دعوته بما معناه : إنك لا تقدر على هداية