من ذلك لا رادّ له ، ثم توعد الله المشركين بعزته وانتقامه ، فكان ذلك والانتقام يوم بدر وما بعده.
أي إن من حقّ عليه القضاء بضلاله لسوئه وعناده ومكابرته ، ماله من هاد يهديه إلى الرشد ، ويخرجه من الضلالة ، ومن يوفقه الله إلى السعادة والإيمان لاستعداده لهما ، فلا مضل له أبدا. أليس الله بغالب لكل شيء ، قاهر له ، ينتقم من عصاته بعذاب شديد؟ فهو سبحانه منيع الجانب ، قوي البطش ، شديد الانتقام من أعدائه المشركين المكذبين رسوله وأمينه عليه الصلاة والسّلام.
مناقشة عبدة الأصنام
الإسلام دعوة الإصلاح الكبرى الشاملة لجميع أبناء البشر ، لذا كان حريصا بصراحته ورحمته واعتماده على العقل الحر والمنطق الرشيد ، هداية الناس جميعا حتى الوثنيين البدائيين إلى الدين الحق والعقيدة الصحيحة القائمة على توحيد الله عزوجل ، وإبطال عبادة كل ما لا خير فيه ولا نفع ، ولا دليل من الواقع عليه ، واعتمد القرآن الكريم في مناقشة عبدة الأصنام على أساسين واضحين :
الأول ـ أن المشركين لو سئلوا عن خالق السماوات والأرض لأقروا بأنه الله تعالى.
الثاني ـ أن أصنامهم التي يعبدونها عاجزة عن تحقيق الخير أو دفع الشر.
روي عن مقاتل : أن النبي صلىاللهعليهوسلم سألهم ، فسكتوا ، فنزل قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) وقال بعض المشركين : لا تدفع هذه الأصنام شيئا قدّره الله ، ولكنها تشفع ، فنزلت هذه الآيات الآتية :