إن في هذا البيان الإلهي تقريرا لأمرين : الأول ـ أن الله تعالى هو لا غيره الرازق المتكفّل بأرزاق المخلوقات من بدء الحياة إلى الموت. والثاني ـ أن قسمة الرّزق بيد الله تعالى ، لا تكون مرتبطة بالمهارات وضدّها من العجز ، ولا بالإيمان ونقيضه ، ولا بالاستقامة والطاعة وعكسها.
طريق التجديد والإصلاح
من المعلوم أن الإنسان مركب على النقض ، معرّض للأخطاء ، فالخطأ ملازم لكل إنسان ، لكن لا يجب ولا يصح استمرار الخطأ ، وإنما العلاج سهل ويسير ، والتخلص من آثار الزلات والانتكاسات أمر ليس بالعسير ولا بالشاق ، ألا وهو العودة إلى الله تعالى ، وتجديد الحياة ، وتصحيح المسيرة بالتوبة الخالصة بين الإنسان وربه ، وإخلاصه العمل له سبحانه ، والتوجه الصحيح في فهم حقيقة الوجود ، وضرورة الإيمان لكل إنسان ، والالتزام بأصول الحق والسداد والاستقامة. قال الله تعالى مبينا هذا المنهاج ليفتح لنا باب الأمل والرجاء :
(قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) (١) (٢) (٣) (٤)
__________________
(١) أي تجاوزوا الحد وأفرطوا.
(٢) لا تيأسوا ، والقنوط أعظم اليأس.
(٣) أي فجأة وعلى غير موعد.
(٤) أي في تضييع شريعته والإيمان به.