إنسان بما يستحقه من خير أو شر. وأما الذين يعبدون الأصنام من غير الله ، فإن أصنامهم لا يتمكنون من القضاء بشيء ، أو فلا يحكمون بشيء ، ولا يملكون شيئا ، لأنهم لا يعلمون شيئا ، ولا يقدرون على شيء ، وإن الله هو السميع لكل شيء من الأقوال والبصير بالأفعال ، فيجازي عليها أصحابها يوم القيامة. وهذا وعيد شديد ، وتحذير رهيب على أقوالهم وأفعالهم.
ثم أنذر الله تعالى الكافرين ، وخوّفهم من عقاب الدنيا ، بعد أن حذّرهم من عذاب الآخرة ، فأرشدهم إلى الاعتبار والاتعاظ بغيرهم ، أفلم يمش هؤلاء المكذبون برسالتك أيها النبي محمد ، فينظروا مآل الغابرين المكذبين أنبياءهم ، وما حلّ بهم من عذاب الاستئصال والانتقام ، مع أنهم كانوا أشد قوة من قومك أهل مكة وأمثالهم ، وأبقى آثارا ، بما عمروا في دنياهم من حصون وقصور ، وأشادوا من مدن وقلاع ، فأهلكهم الله بذنوبهم ومنكراتهم ، ولم يكن لهم من الله من واق ، أي ساتر مانع يقيهم السوء ، ويدفع عنهم العذاب. وهذا تحذير شامل للكافرين في كل زمان ، حيث يجب عليهم أن ينظروا بما حل بالأقوام الغابرين.
وعلّة هلاكهم وتدميرهم أو أخذهم وإماتتهم : بسبب أن رسلهم كانوا يأتونهم بالحجج الواضحة على الإيمان الحق ، فكفروا بما جاءوهم به ، فأهلكهم الله ، ودمر ديارهم عليهم ، إن الله ذو قوة شديدة ، وبطش كبير ، وذو عقاب مؤلم جدا ، يفعل كل ما يريد ، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، فهل من متعظ؟
وقوله تعالى : (ذلِكَ) إشارة إلى أخذ الله الكفار بذنوبهم ، وإن لم يكن لهم منه واق أو حافظ مانع. وسبب إهلاك الماضين هو ما عليه قريش في عصر النبي صلىاللهعليهوسلم ، حيث جاءهم رسول من الله تعالى ، مؤيد بالمعجزات والبراهين ، فكفروا به ، فأهلكهم الله ، وقد وصف الله نفسه بالقوة وشدة العقاب ، وكل ذلك وعيد لقريش وأمثالهم.