بالمعجزات الواضحات الدالة على صدق نبوته ورسالته ، فهذا لا يستدعي القتل ، فتوقف فرعون عن قتله.
وأضاف الرجل حججا ستا أخرى لتأييد كلامه وهي :
١ ـ إن كان هذا الرجل ، أي موسى كاذبا في دعوته ، كان وبال كذبه عليه ، فاتركوه ، وإن كان صادقا في دعواه يصبكم بعض الذي يعدكم به إن خالفتموه من العقاب الدنيوي والأخروي ، فاتركوه أيضا في دعوته.
٢ ـ لو كان موسى مسرفا متجاوزا الحد في قوله ، كذابا في ادعائه النبوة ، لما هداه الله إلى المعجزات المؤيدة له ، ولخذله الله وأهلكه.
٣ ـ يا قومي ، قد أنعم الله عليكم بهذا الملك الواسع ، وأنتم الغالبون على بني إسرائيل في مصر ، فمن الذي يمنعنا من عذاب الله إن حل بنا؟! فقال فرعون مجيبا الرجل المؤمن : ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي ، وما أدلكم إلا طريق الصواب الذي يحقق الفوز والغلبة ، وهو قتل موسى.
٤ ـ وقال المؤمن : إني أخشى عليكم إن كذبتم موسى أن يصيبكم مثل ما أصاب الأقوام الذين تحزّبوا على أنبيائهم ، وكذبوا رسلهم من الماضين ، مثل عادة قوم نوح وعاد وثمود ومن بعدهم كقوم لوط ، فقد حل بهم عذاب الله تعالى ، ولم يجدوا ناصرا لهم ينصرهم ، ولا عاصما يحميهم ، ولا يريد الله إلحاق ظلم بعباده ، فلم يهلكهم بغير جرم شديد أو كبير. وهذا تخويف بالعذاب الدنيوي.
٥ ـ ثم خوفهم العذاب الأخروي بقوله : يا قومي ، إني أخشى عليكم عذاب يوم القيامة ، حين ينادي الناس بعضهم بعضا للاستعانة والاستنجاد ، وحين تفرّون هاربين من النار ، لا تجدون واقيا ولا عاصما مانعا يعصمكم من عذاب الله ويحميكم منه ، ومن يضلّه الله ، فلم يوفقه للرشد والصواب ، فلا مرشد له غيره.