في عمار بن ياسر رضي الله عنه. قال بشير بن فتح فيما أخرجه ابن المنذر : نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر.
والمفاضلة بين الإلقاء في النار والأمن يوم القيامة في كلمة (خير) ، وإن كانا لا يشتركان في صفة الخير ، إنما هي بسبب كون الكلام تقريرا نهائيا بسوء مصير الكافرين ، لا مجرد خبر وحكاية. وذلك مثل آية : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (٢٤) [الفرقان : ٢٥ / ٢٤]. لأن المقرّر قد يقرر خصمه على قسمين : أحدهما بيّن الفساد ، حتى يرى جوابه ، فإذا اختار طريق الفساد ، بان جهله وغباؤه.
وتابع القرآن التهديد وتأكيد الجزاء ، بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) أي إن الذين كفروا بالقرآن الكريم ذي الذكر العالي والشرف الرفيع ، لما جاءهم ، نجازيهم على كفرهم ، والحال أن القرآن متصف بصفات ثلاث : أولها : أنه كتاب عزيز عن المعارضة أو الطعن ، منيع عن كل عيب من أي بشر ، وثانيهما أنه لا يتمكن أحد من إبطاله وتحريفه ، وليس لأحد أن يبطله من جميع جوانبه ، لا في اللفظ ولا في المعنى ، ولا في الحكم والأسلوب ، ولا في الغرض أو القصة ، فلا يكذبه كتاب سابق قبله ، ولا فكر أو نظر لاحق بعده ، محفوظ من النقص والزيادة ، كما في آية أخرى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٩) [الحجر : ١٥ / ٩].
وثالث الصفات : أنه تنزيل من إله حكيم في قوله وفعله ، محمود في جميع أوامره ونواهيه ، مشكور على نعمه وأفضاله ، فكيف يأتيه الباطل بأي صورة أو باب؟! ثم أبان الله لرسوله وحدة الرسالات ، وأنها تهدف إلى التوحيد الخالص ، وإثبات الآخرة ، وتقرير مبدأ الثواب والعقاب ، مبينا أن ما يقال لك أيها الرسول من هؤلاء الكفار المشركين من وصفك بالسحر والجنون والكذب ، وما ينالك من مكروه ، ما هو إلا كأقوال الجاحدين لأنبيائهم ورسلهم ، الذين تقدموك ، فإن أقوامهم كانوا يقولون