ثم أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوسلم بالاستناد إلى أمر الله تعالى ، وأن يجعله حسبه أو كفايته شاهدا وحاكما بينه وبينهم ، بعلمه وتحصيله جميع أمورهم.
إنه تعالى لا تخفى عليه خافية ، يعلم جميع ما هو كائن ويكون في السماوات والأرض ، ويعلم الذين آمنوا بالباطل : وهو عبادة الأوثان والأصنام من دون الله ، وجحدوا بوجود الله أو توحيده ، مع توافر الأدلة على الإيمان به ، أولئك لا غيرهم هم الخاسرون في صفقتهم ، حيث اشتروا الكفر بالإيمان ، وسيجازيهم الله تعالى في القيامة على ما فعلوا.
ثم أخبر الله تعالى عن لون آخر من جهل المشركين وحماقتهم ، وهم كفار قريش الذين يتعجلون نزول العذاب بهم ، على جهة التعجيز والتكذيب ، وهو العذاب الذي توعدهم به محمد صلىاللهعليهوسلم ، ولولا كون العذاب محددا بوقت معلوم ، لأتاهم من حيث لا يشعرون ، ولسوف يأتيهم فجأة ، وهم لا يحسّون بمجيئه ، بل يكونون في غفلة عنه.
إنهم يتعجلون العذاب ، والعذاب الأكبر واقع بهم حتما ، وهو عذاب جهنم الذي يحيط بهم وبأمثالهم من كل جانب ، وهذا توعّد بعذاب الآخرة.
وصفة تعميم العذاب : أنه يحيط بهم من كل جانب ، ويغطّيهم من كل جهة من جهاتهم ، ويقول الله تعالى على سبيل التوبيخ والتقريع : ذوقوا جزاء ما كنتم تعملون في الدنيا من الكفر والمعاصي. ويشبّه العذاب بالذوق تهكّما وتبكيتا ، كما في قوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدّخان : ٤٤ / ٤٩].
الهجرة عند تعطيل الشعائر
يريد الله تعالى أن يستمرّ تدفّق ذكره ومناجاته وعبادته وإعلان توحيده والالتزام بشريعة القرآن الكريم والنّبي العدنان ، في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة ، ليتصل