الجدبة بعد جفافها ويبسها ، فتصبح متحرّكة نضرة بالنبات الأخضر ، لأجابوك بأن الله تعالى هو الفاعل لذلك ، فإذا قالوا هذا ، فقل لهم أيها النّبيّ : الحمد لله على قيام الحجة عليكم ، وأن الله مصدر النّعم كلها ، ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعقلون هذا التناقض الحاصل منهم ، فتراهم يقولون بأن الله هو الخالق الرّازق ، ثم يقولون بوجود إله آخر معه ، فيخالف فعلهم قولهم ، وإقرارهم ، ويعبدون مع الله تعالى وثنا أو حجرا أو معدنا لا يتمتع بحقائق الألوهية ، ولا ينفعهم شيئا ، ولا يضرّهم إن تركوا عبادته. إن هذا لون من ألوان الحماقة والخرافة والطيش والبدائية القائمة.
أحوال الدنيا والكافرين فيها
الإنسان فيما يتعلق بقضايا الدين والدنيا قد يكون قصير النظر ، لا ينظر إلى ما وراء هذا العالم ، وتقلّبات الدنيا سريعة وشؤونها لاهية ، حتى إذا ما وقع في المحنة الخانقة ، تراه يبذل كل ألوان الرجاء والإستغاثة ، لاستنقاذ نفسه ، وما تعرّض له من مخاوف الغرق أو الإعصار أو الزلزال ، ولا يقدّر المشرك المقيم في مكة نعمة الأمن الكبرى في البلد الحرام الآمن ، مع أن البلاد المجاورة وغيرها لا أمان فيها ولا اطمئنان. إن الكافر بالله هو الظالم الحقيقي لنفسه ، ولا ظلم أشدّ طغيانا من افتراء الكذب على الله أو تكذيبه بالحقّ الثابت الساطع. أما المؤمن المجاهد نفسه وهواه ، فإن الله يوفّقه للخير وسبيل النجاة ، ويؤيّده ويؤازره لإحسانه العمل ، واستقامته في الحياة ، قال الله تعالى مبيّنا أحوال الدنيا والناس فيها.
(وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا (١)
__________________
(١) الحياة الدائمة الخالدة.