والمفروض أنّ هذا الضرر الحادث متأخّر في الرتبة عن قاعدة لا ضرر ، فلا يمكن أن يكون محكوماً بلا ضرر». (١)
والظاهر عدم تماميّة ما أفاده ، فانّ القاعدة لا تختصّ بالموضوعات الواقعيّة الوجدانيّة ، أو المنكشفة بواسطة الشمول للفرد الوجداني المحكوم ، بل تشمل الضرر الحادث بعد جريانها أيضاً ، إذ ليس المراد من الرفع رفع حكم موجود ، بل المراد مظنّة وجوده وإمكان جعله في هذا الظرف. وهذا الأمر بالنسبة إلى الحكم الضرري المتولّد من جريان القاعدة في الحكم الضرري ، متحقّق.
ولو سلّمنا عدم الشمول لفظاً ، لكن عدم الشمول لفظاً غير مانع عن شمولها للحكم الضرري الثاني ملاكاً ، لعدم الفرق بين الحكمين الضرريّين عند الشارع.
بل الوجه في عدم الشمول ، انصراف القاعدة عن هذه الأحكام المتولّدة من جريانها في مورد كما في المقام. ووجه الانصراف ما ذكرناه من أنّ العرف لا يرى حرمة دفاعه عن شخصه بتوجيهه إلى الغير ، إضراراً بالنفس في الأوّل ، ولا عدم وجوب التحمّل في الثاني ، إضراراً بالغير.
ثمّ إنّ الشيخ الأعظم جعل قبول الولاية عن الجائر ، المستلزم للاضرار بالغير ، من هذا الباب لا من باب تعارض الضررين الذي سيوافيك بيانه في التنبيه اللاحق ، وقال (قدسسره) في كتاب المكاسب عند البحث عن التصدّي من قبل الظالم :
«إذا أجبره الظالم على دفع مال من أمواله فلا يجوز له نهب مال الغير لدفع الضرر عن نفسه ، أمّا إذا كان أوّلاً وبالذات متوجّهاً إلى الغير ، كما إذا أجبره على نهب مال الغير وأوعده على ترك النهب بأخذ مال نفسه ، فيجوز له ذلك لأنّ
__________________
(١) رسالة قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، تقريرات الخونساري ، ص ٢٢٥.