اشترى بالمحاباة أو وهب ماله لرحمه ، لا تكون القاعدة حاكمة على نفوذ المعاملة ووجوبها ، فهكذا إذا اشترى بالثمن الغالي. ومثله إذا أدخل الخشب في بنائه ، أو نصب لوحة في سفينة مع العلم بكونهما مغصوبين ، لأنّه تصرّف في شيئين كانا محكومين من أوّل الأمر بردّهما إلى صاحبيهما ، سواء كان قبل الادخال والنصب أو بعدهما ، فهو بعمله هذا قد هتك حرمة ماله أعني البناء أو السفينة. ومثله ما إذا بنى داراً أو غرس أشجاراً في أرض مستأجرة ، مع علمه بأنّ الاجارة تنتهي قبل كمال الزرع والشجر.
أضف إلى ذلك ما تضافر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من أنّه «ليس لعرق ظالم حق» فإنّ تسويغ بقاء الخشب في بناء الغير أو اللوح في السفينة ، إعطاء حق للظالم في التحفّظ على عرقه.
وبذلك يظهر انّه لو باع بأقلّ من الثمن ، يكون نافذاً. لأنّ نفوذ المعاملة في هذه الحالة من آثار سلطنة المرء على ماله ، وليست نفس السلطنة أمراً ضرريّاً. ولأجل ذلك تصحّ هبة المال للرحم وغيره بلا عوض وإن كان تلزم في الأوّل دون الثاني.
نعم ، تسلّط الغير على ماله حكم ضرري ، وأمّا تسليط الغير عليه وإن كان ضرريّاً لكن الدليل منصرف عنه ، والمقام من مصاديق القسم الثاني.
وكل تصرّف صدر من المالك عن علم واختيار ، نافذ سواء كان ضرريّاً عند العرف أو لا ، والحكم بعدم نفوذها إبطال لسلطانه وسلطنته وهو ضرر أكبر.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني أجاب عن الإشكال بوجه آخر وقال : «إنّ هدم البناء وكسر السفينة ليس ضرراً لأنّه مع فرض كون اللوح أو الخشب مغصوبين ، لم يكن صاحب السفينة مالكاً لتركب السفينة ، ولا صاحب الدار مالكاً لبنائها. فهذه الهيئة الحاصلة لها إذا لم تكن مملوكة له فرفعها ليس ضرراً ، لأنّ الضرر عبارة عن نقص ما كان واجداً له. وبعبارة أُخرى : كما أنّ الغاصب لم يكن مالكاً من أوّل