أيّ حكم ضرري واجباً كان أو جائزاً. وإلّا فلو اشتمل على بعض ذلك لما صحّ الأخبار على وجه القطع. هذا هو الوجه الذي اعتمدنا عليه في كلا البابين واخترنا فيهما كون الرفع عزيمة لا رخصة.
ثمّ إنّ القائلين بصحّة الأعمال الضررية والحرجية استدلّوا بوجوه نشير إليها :
١ ـ القول بالملاك وكون الوضوء والصوم واجدين له.
وفيه أنّه أوّل الكلام لأنّ استكشاف الملاك يتفرّع على وجود الإطلاق الشامل لحالتي الضرر والحرج وهو غير موجود. فمن أين نقف على وجود الملاك؟
٢ ـ الترتّب ، فالوضوء أو الصوم الضرريان واجبان على وجه الترتّب بعصيان الأمر بالتيمم أو الافطار.
يلاحظ عليه : بأنّ إطلاق القاعدة ينفي تشريع مثل هذا الحكم الضرري وإن كان في رتبة متأخّرة مقارناً لعصيان الأمر بالتيمّم والإفطار.
٣ ـ انّ المرفوع هو الفصل ، أعني : اللزوم والوجوب ، دون الجنس ، أعني : الجواز. كما هو الحال في باب العقود الضررية ، فانّ المرفوع هو اللزوم لا الصحّة لأنّه الجزء الأخير للضرر لا الصحّة.
يلاحظ عليه : بأنّ القول برفع اللزوم دون الجواز تدقيق فلسفي بعيد عن الأذهان العرفية ، وأمّا العقود الضررية ، فلو كان المستند فيها هو القاعدة فيجب أن يكون المرفوع صحّة المعاملة الضررية وإن كان الاستناد في العقود الضررية إلى القاعدة ، غير تام عندنا.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني ـ أعلى الله مقامه ـ استدل على كون الرفع عزيمة لا رخصة بوجه آخر ، وهو أنّه لو صحّ الوضوء الضرري يلزم أن يكون ما في طول الشيء في عرضه ، وهذا خلف ، لأنّ التكليف لا ينتقل إلى التيمّم إلّا إذا امتنع استعمال الماء خارجاً أو شرعاً. وإذا كان مرخصاً شرعاً في الطهارة المائية فلا يدخل في «من لا يجد