الحنابلة في مسنده ويناهز عددها العشرين قضاءً. وهي من طرقنا كانت مجتمعة في رواية عقبة بن خالد عن أبي عبد الله (عليهالسلام) ، غير أنّ أئمّة أهل الحديث فرقوها في أبواب مختلفة. ولما كان حديثا الشفعة والنهي عن منع الماء غير مذيلين بحديث «لا ضرر» في رواية «عبادة» ، صحّ أن يقال إنّ ما ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من طرقنا أيضاً كان غير مذيّل ، لكن الراوي لما أراد الجمع بين الأقضية في رواية واحدة ، ذيّل حديث الشفعة والنهي عن منع الماء بحديث «لا ضرر» ، فهو من باب الجمع في الرواية لا الجمع في المروي.
ولا يصحّ العكس ، وهو تذييل الحديثين بالقاعدة في نفس الأمر ، غير أنّ عبادة بن الصامت روى جميع الفقرات مطابقة للواقع إلّا الفقرتين. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الدقة في رواية عبادة بن الصامت تقضي بوضوح أنّ الراوي كان بصدد الجمع بين الأقضية ، ولأجل ذلك كرّر لفظ «قضى» في تسعة عشر مورداً. وأمّا المنقول عن عقبة بن خالد فهو على خلاف ذاك الظهور ، فعبّر في الشفعة بلفظ «قضى» وفي مورد لا ضرر ب ـ «قال» ، مشعراً بأنّه لم يكن في هذا المورد قضاءً بل تعليلاً. وإليك نصّ الحديث :
«قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وقال : «لا ضرر ولا ضرار». وقال : إذا أرفت الأُرف وحدّت الحدود فلا شفعة». (٢)
ومثله حديث النهي عن بيع الماء ، وإليك نصّه :
«قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين أهل المدينة في مشارب النخل أنّه لا يمنع نفع
__________________
(١) رسالة قاعدة لا ضرر ، ص ١٩ إلى ص ٣٢ بتلخيص. وهذا الوجه مشترك بين كلا الحديثين.
(٢) الوسائل ، ج ١٧ ، الباب ٥ ، من كتاب الشفعة ، الحديث ١.
والأُرَف : جمع الأُرفة ، كالغُرَف جمع الغُرفة. والأُرف هي الحدود والمعالم. ففي نهاية ابن الأثير : قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالشفعة ما لم يرف : ما لم يقسّم المال أو يحدّ. وفي الحديث : أيّ مال أقسم وارّف عليه فلا شفعة فيه : أي حُدَّ وعُلِّم. وفيه : الأُرف تقطع الشفعة.