والمتحصّل من المجموع هو أنّه بمعنى سوء الحال ، على اختلاف منشئه ، قال تعالى : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً). (١)
وقال سبحانه : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). (٢)
فإنّ ما يمسّ الإنسان في البحر ، هو القلق والاضطراب والخوف الهائل من الغرق نظير ما يمسّه من المرض والهرم والفقر.
وأمّا الضّرر فقد استعمل مرّة واحدة ، قال سبحانه : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) (٣)
وفسّره المفسّرون بالنقص في العضو كالأعمى ، فما ذكره اللغويون يؤيّده ظاهر الآيات.
وعلى أيّ حال فإنّه يمكن أن يفهم ممّا سبق أنّ بين الضّرر والنفع تقابل التّضاد (٤) ، لأنّ الضرّ هو الحالة الحاصلة للإنسان من ورود النقص على نفسه أو عرضه أو ماله وهو أمر وجودي كالمنفعة.
وما عن المحقّق الأصفهاني (قدسسره) من أنّ النقص ، المفسّر به الضرر ، ليس أمراً وجودياً حتّى يكون التقابل مع النفع ، الذي هو أمر وجودي ، تقابل التضاد ، غير تام لما عرفت من أنّ الضرر ليس مساوياً للنقص وإنّما هو المنشأ
__________________
(١) الاسراء / ٦٧.
(٢) الأنبياء / ٨٣.
(٣) النساء / ٩٥.
(٤) ويؤيّد هذا القول أنّ الضرر والنفع يمكن ارتفاعهما من موضوع قابل لهما ، مثل أن يبيع المتاع برأس ماله ، فانّه يصدق عليه بأنّه باع بلا نفع ولا ضرر. وهذه علامة المتضادّين ولو كانا من قبيل الملكة وعدمها ، لما أمكن ارتفاعهما.