بالفعل.
أمّا الأُولى ، فلأنّ الفعل استعمل في فعل الاثنين بشهادة قوله سبحانه : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) (النساء / ١٤٢) ولا ينافيه قوله في آخر الآية (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) بغير صيغة المفاعلة وذلك لأجل أنّ حقيقة المخادعة من المنافقين بالمؤامرة ضدّ الإسلام ، وهي من الله سبحانه بإبطال تخطيطاتهم وإرجاع ضررها إلى أنفسهم ، فصحّ التعبير بالمخادعة لأجل المشاكلة ، كما صحّ التعبير بغير صيغة المفاعلة ، لعدم وجودها إلّا من جانب واحد.
وأمّا الآية الثانية ، أعني قوله : (يُقاتِلُونَ) ، فلأنّ استعمال صيغة المفاعلة في مورد الجهاد إنّما هو بالنظر إلى كيفيّة العمل ، فإنّ القتال في ميادين الحرب كان قائماً بالطّائفتين ، فئة مؤمنة وأُخرى كافرة ، وإن كان القتال في سبيل الله مختصّاً بالطّائفة الأُولى دون الأُخرى ، والأولى الاستدلال بما ذكرناه.
هذا حال المعنيين الأوّلين.
وأمّا المعنى الثالث ، أعني التفريق بالانتفاع في الضّرر ، وعدم الانتفاع في الضرار ، فيرد عليه أنّه إن أُريد منه ما لا ينتفع به مطلقاً ، لا روحياً ولا مالياً ولا غيره ، فهو ممنوع إذ لا وجه لأن يقوم به العاقل ويدخل الضرار على الغير ولا ينتفع به أصلاً.
وإن أُريد خصوص عدم النفع المالي ، ففيه أنّ النفع غير منحصر بالمالي بل هو أمر أعم منه ومن النفسي والبدني والعرضي.
أضف إلى ذلك : أنّه من المحتمل أن يكون المراد من الاعتداء في قوله سبحانه : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) (البقرة / ٢٣١) هو الاعتداء المالي بتحليل مهورهنّ حتى يسترحن ، فقد استعمل الضرار لأجل تحصيل النفع المالي.
وأمّا المعنى الرابع ، أعني كونهما بمعنى واحد ، فبعيد جدّا. مع أنّ الإمام (عليهالسلام) يركّز في بعض الروايات على الضرار ، ويقول في قصة الرأس والجلد : «إنّ هذا هو الضرار» ، ولا يقول : «هو الضرر» ، وقد وصف القرآن الكريم عمل المنافقين