بالضرار ، وهذا يفيد أنّ الضرار يشتمل على ما لا يشتمل عليه الضرر.
وأمّا المعنى الخامس ، فهو الحقّ الذي لا ريب فيه. وإن شئت فعبّر عن الضرار فيه : بالاضرار الصادر عن الشخص عناداً ولجاجة. ويؤيّده : قوله سبحانه : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) (البقرة / ٢٣١) ، فإنّ لفظة (لِتَعْتَدُوا) تفسير «للضرار» (١).
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (التوبة / ١٠٧)
والآية تدلّ على أنّهم كانوا متعمّدين للإضرار.
ويزيده توضيحاً ، رواية هارون بن حمزة الغنوي حيث طلب صاحب الدرهمين نحر البعير وأخذ الرأس والجلد ، فوصفه الإمام (عليهالسلام) بأنّه ضرار ، لأنّ برء البعير صار سبباً لارتفاع قيمته السوقية ، فيجب أن يستفاد منه في الركوب لا في الأكل. (٢)
وروى في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) (النساء / ١٢) ، قال : إنّ الضرار في الوصية من الكبائر ، والمراد هو الإيصاء بأكثر المال أو جميعه حتّى لا يرث الوارث مطلقاً أو شيئاً قليلاً. (٣) والرواية التي ذكرناها في توضيح قوله سبحانه : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا عليهنَّ) تؤكّد ذلك. كما يؤكّده ما ورد فيه فعل ذلك المصدر ، مثل «لا تضار» ، فإنّه
__________________
(١) قال الطبرسي في مجمع البيان ج ١ / ٣٣٢ ، ط صيدا : أي لا تراجعوهن لا لرغبة فيهنّ بل لطلب الاضرار بهنّ إمّا في تطويل العدّة أو بتضييق النفقة في العدّة.
(٢) لاحظ الحديث رقم ٢٢ مما سردناه من الروايات الدالّة على القاعدة.
(٣) لاحظ الحديث رقم ٢٣.