باعتلاء منصّة الحكم وسدة القضاء فانحصرت وظيفتهم (عليهمالسلام) في التبليغ والبيان دون الحكم والقضاء.
نعم ، ربّما يستعمل لفظ «قال» في مقام القضاء والحكم ، ويعلم أنّ المراد هو الأمر والنهي ، لا تبليغ الحلال والحرام. كما إذا قيل : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأُسامة : أنت قائد الجيش ، اذهب إلى القطر الفلاني وقاتل الروم».
الثالث : إنّ السابر في الروايات يرى نماذج وافرة من أحكام الرسول السلطانية وأقضية مبثوثة في مختلف الأبواب.
روى الكليني عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والإيمان». (١)
وروى أيضاً عن أبي عبد الله (عليهالسلام) في آداب الجهاد قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثمّ يقول : سيروا باسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله ، لا تغلوا ، ولا تمثّلوا ، ولا تغدروا ، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ، ولا صبياً ، ولا امرأة ، ولا تقطعوا شجراً إلّا أن تضطرّوا إليها». (٢)
وروى أيضاً في حديث عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه : أنّ أمير المؤمنين (عليهالسلام) كان يأمر في كل موطن لقينا فيه عدونا فيقول : «لا تقاتلوا القوم حتى يبدءوكم ، فإنّكم بحمد الله على حجّة ، وترككم إيّاهم حتى يبدءوكم حجّة أُخرى لكم فإذا هزمتموهم ، فلا تقتلوا مدبراً ولا تجهزوا على جريح ولا تكشفوا عورة ولا تمثّلوا بقتيل». (٣)
إلى غير ذلك من الروايات الحاكية عن الأحكام الصادرة عن منصبي الحكم والقضاء. ومن أراد الاطلاع عليها فليرجع إلى أبواب القضاء والجهاد
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ، ص ١٦٩ ، كتاب القضاء ، الباب ٢ ، كيفية الحكم ، الحديث ١.
(٢) الوسائل ج ١١ ، ص ٤٣ ، كتاب الجهاد ، الباب ١٥ «جهاد العدو وما يناسبه» الحديث ٢.
(٣) الوسائل ج ١١ ، ص ٦٩ ، كتاب الجهاد ، الباب ٣٣ ، جهاد العدو وما يناسبه ، الحديث ١.