المجتمع ، فلا ترى مجتمعاً يصرف الضّرائب ـ إذا كانت عادلة ـ مجتمع جور وظلم.
فانّ الخدمات الّتي تقدّمها الدولة للشعب ، إنّما هي تحت ظل هذه الضّرائب.
وأمّا الجهاد في سبيل الله ، فقد وصفه سبحانه بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). (١)
ويصفه في موضع آخر بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). (٢)
فإذا كان هذا هو انطباع الشارع من الجهاد في سبيل الله ، فإذا قال : لا ضرر ولا ضرار ، فإنّما ينصرف إلى غير هذا النوع من الضرر الذي لا ينتفع به المجتمع. وليس لنا تفسير الحديث مع غضّ النّظر عن سائر ما يرتبط بالتشريع.
هذا كلّه حول الموارد الأربعة. وأمّا الموردان الأخيران فهما جزئيان ولو زاد هناك مورد أو موردان آخران فلا يستلزم التخصيص المستهجن ، على أنّ هناك مصالح في تحمّل هذه الاضرار لا تقاس بالأموال التي يخسرها.
وما ذكرناه من الجواب ينطبق على مبنى القوم في تفسير القاعدة ، وأمّا على ما اخترناه من أنّ مفاد القاعدة ، هو نفي اضرار الناس بعضهم بعضاً ، فالجميع خارج عن مصبّ القاعدة وليس هناك أيّ تخصيص أبداً.
__________________
(١) الأنفال / ١٢٤.
(٢) الصف / ١٠ ـ ١١.